12‏/07‏/2007

ديانة ماني وأثرها على الإسلام


المانوية MANICHAEISM

ماني وديانته
من اصل فارسي ,لكنه ولد في جنوب بابل (العراق) عام 216م.
نادي بديانة جديدة عبارة عن دمج للبوذية والزرادشتية والمسيحية- تلك الأديان التي تأثر بها غاية التأثر.


ومصادر معرفتنا بهذه الديانة ومؤسسها تشمل مصادر مباشرة كتبها مانى بنفسه أو أتباعه ، ومصادر غير مباشرة كتبها مؤيدوه ومعارضوه القدماء . وقد اكتشف فى القرنين الأخيرين وثائق ومخطوطات مانوية هامة جدا فى إيران ومصر والصين وغيرها من البلاد التى انتشرت فيها المانوية. ومن بين هذه المصادر :

1-الرسائل الجدلية للقديس أغسطين(354 –430 ) التى دحض فيها هذه العقائد المانوية باعتبارها من الهرطقات.

2-الرسائل الجدلية للقديس تيتوس البسترى ضد المانويين

3-الصيغ اليونانية اللاتينية التى كان يستغفر بها المانويون المنتقلون للمسيحية

4-المواعظ السريانية التى كتبها (سيفي الانطاقى) وعددها 133 موعظة

5-كتاب الأسقف السرياني (تيودور بركونائى)

6-ابن النديم فى الفهرست

7-البيرونى فى آثاره الباقية

8-نصوص مانوية باللغة الفهلوية والصغدية والصينية اكتشفتها البعثات الألمانية والإنجليزية والفرنسية فى التركستان الصينية فى القرن العشرين

9-نصوص مانوية باللغة القبطية كتبت على أوراق البردي اكتشفت فى أوائل هذا القرن فى مصر

(انظر كتاب :إيران فى عهد الساسانيين) ص 169 –170 .تأليف آرثر كريستنسن.ترجمة د.يحيى الخشاب.الألف كتاب الثاني. الهيئة المصرية للكتاب )

ويعتبر آرثر كريستنسنArthur Christensen من اعظم الثقات فى تاريخ إيران القديمة وآدابها وتراثها

يقول كريستنسن:

" وكان (مانى) يرى الوحي عدة مرات فى صورة ملاك اسمه القرين، فكان يكشف له عن الحقائق الإلهية.ثم بدأ يعلن دعوته. وزعم مانى أنه الفارقليط الذى بشر به عيسى عليه السلام" ص172

ويقتبس المؤلف أقوال لمانى من الكتاب المقدس المانوى المسمى (شابورغان) ولقد ذكر ذلك البيرونى فى كتابه (الآثار الباقية.) يقول مانى:

"إن الحكمة والأعمال هى التى لم يذل رسل الله تأتى بها فى زمن دون زمن ، فكان مجيئهم فى بعض القرون على يدي الرسول الذى هو "البد" (بوذا) الى بلاد الهند ، وفى بعضها على يدي "زرادشت" الى ارض فارس ، وفى بعضها على يدي "عيسى" الى ارض الغرب . ثم نزل هذا الوحي وجاءت هذه النبوة فى هذا القرن الأخير على يدىَّ أنا "مانى" رسول إله الحق إلى أرض بابل"

ويقول أيضا مانى :

"إني جئت من بلاد بابل لأبلغ دعوتي للناس كافة"
السابق ص172

ويقول الباحث :

"ادعى (مانى) انه أتى لتكميل كلام الله وأنه خاتم الأنبياء" ص 172

ولقد علم مانى أتباعه انه فى يوم القيامة ستحترق الأرض وان المؤمنين الحقيقيين سيذهبون الى الجنة ، وان المجرمين فإلى جهنم ، أما المؤمنين ضعاف الأيمان الذين غلبتهم المادة فسيحيون من جديد (عقيدة التناسخ الهندية) .
يلخص كريستنسن ذلك فيقول :

"وفى نهاية عمر الدنيا . . . يضع الملكان اللذان يحملان السماء والأرض أحمالها فتقع ، وينقض كل شىء وتشتعل النيران من وسط هذا الاضطراب وتمتد فتحرق العالم كله "

ويقول فى حاشية الصفحة :

"بعد الموت يدخل الصديقون الجنة،ولكن المؤمنين الذين هم أقل درجة والذين لم يخلصوا أنفسهم من المادة يحيون من جديد فى الدنيا فى حالات متفاوتة حسب سلوكهم ،أما المجرمون فيذهبون الى جهنم" ص178

ويفصل بين الجنة والنار جدار لا يمكن عبوره:

"ويقام جدار لا يعبر بين العالمين،وتسعد مملكة النور بسلام أبدى" ص179

أراد مانى أن تكون دعوته دعوة عالمية

"وقد أراد مانى أن ينشر دينا عالميا،وقد طابق بين مذهبه ، بمهارة ، وبين الآراء والمصطلحات الدينية عند مختلف الأمم " ص180

واقتبس مانى من كل عقيدة صادفته ما يجذب الناس من حوله

" ولكي يكون مانى وخلفائه قريبين من فهم الإيرانيين،استعاروا ،كما رأينا ، أسماء آلهة من الديانة المزدية ، كما ذكروا أبطال إيران كأفريدون مثلا فى قصصهم الديني.

وذكرت بعض الآراء المانوية على لسان زرادشت.وهناك أسماء ملائكة أُخِذت من البيئة السريانية مثل جبريل ورفائيل وميكائيل وإسرائيل.."ص180

أنكر مانى موت وعذاب المسيح على الصليب لانه كان فى اعتقاده أن المسيح روح كان يلبس جسدا ظاهرا (وهمي)،ويلخص الباحث ذلك:
"ومهما يكن فان عيسي المانوية غير عيسي الذى صلبه اليهود.فعذاب عيسي ، ولم يكن إلا فى الظاهر،كان عند مانى رمزا لاستعباد روح النور فى العالم السفلي.وعيسي الحقيقي عند مانى هو الإله الذى أرسل من عالم النور ليرشد آدم وليريه الطريق المستقيم" ص 181

وكان أتقياء المانوية مكلفين بنشر الدين وهداية كافة الشعوب والدعوة للأخلاق وتحريم الخمر.

"حرم عليهم شرب الخمر . . . وان يطوفوا بلاد العالم يبشرون بالدين وينصحون الناس بالاستقامة" ص183

وكان للمانويين فروض وشعائر دينية وجب أداؤها ،لخصها الباحث قائلا:
" وكان على المؤمنين عامة أداء العشر، والمحافظة على الصيام والصلاة.وكانوا يصومون سبعة أيام كل شهر , ويصلون أربع مرات فى اليوم،على أن يتطهروا قبل الصلاة بالماء الجاري أو ، فى الضرورة ، بالرمل ، أو بما يماثله ، وان يسجدوا اثنتي عشرة مرة فى كل صلاة . . . وقد كانت الزكاة فرضا"ص183-184

وككل الأديان نسبت المانوية لنبيها المعجزات (ويروى كريستينسن إحدى المعجزات لمانى.فلقد كان للأمير الفارسي (مهرشاه)حديقة غناء لم يكن لها مثيل ، فتهكم من الجنة التى كان مانى يبشر بها اتباعه .

"فأدرك النبي أنه لا يؤمن برسالته،فأراه بقدرته العظيمة جنة النور بآلهتها وملائكتها وسعادتها.فأغمى على الأمير وظل فى إغمائه ثلاث ساعات وكان قد حفظ فى قلبه ما رأى .ثم أن النبي وضع يده فوق رأس الأمير فأفاق ، ولم يكد يقوم حتى ألفى بنفسه على أقدام النبي وأمسك يده اليمنى" ص184

كتب مانى رسائل لرؤساء وملوك العالم يدعوهم فيها للإيمان بدعوته.يقول الباحث:

"وقد ذهب الى الهند والصين داعيا بمذهبه فى كل مكان ومؤلفا للكتب والرسائل التى بعثها الى الرؤساء والجماعات فى بابل وإيران وبلاد المشرق" ص186

وكتب مانى كتب كثيرة شرح فيها دعوته ، ومن بين هذه الكتب كتاب أطلق عليه الإنجيل:
"الذى يحتوى على اثنين وعشرين بابا،عدد الابجدية السريانية ، وهو يعتبر الفلسفة الدينية الحقيقية التى أنزلها على ذوى الإرادة الطيبة المُخلص الإلهي" ص188

كانت المانوية خطرا كبيرا على المسيحية مما أدى بكبار الكتاب المسيحيين الى التشنيع بمانى وأتباعه ، ووصفوهم بأبشع الألفاظ واتهموهم بالكفر واللواط والقسوة.بينما المصادر المانوية نفسها تبرئهم من هذه التهم الباطلة.يقول الباحث:

"وقد جزع النصارى من دين مانى الذى بدا لهم انه يفسد الأساس الحق لدينهم وبالغ كل فى رميه بالسوء.يقول مؤلف أعمال شهداء الكرخ:
"وفى أيام سابور بصق ماني ، موئل الخبث كله ، صفراءه الشيطانية".
ويلخص تيودور بركونائى رأيه فى أتباع مانى الكافر فيقول:
"إن جميع اتباع المانوية هم من الأشرار الذين يقتلون الناس بطرق خفية شيطانية،وهم يرتكبون الفاحشة فيما بينهم بلا حياء ، وقد تجردوا من الرحمة وليس فيهم فضيلة "
ولكن إذا أردنا أن نعرف الحقيقة عن الرحمة والأخلاق الطاهرة الإنسانية عند المانوية فعلينا أن نقرأ (خواستو ونيفت)أو (صلاة الاعتراف عندهم)" ص189-190

وعن ماني وديانته يذكر د.امام عبد الفتاح امام فى احدى هوامش (كتاب المعتقدات الدينية لدي الشعوب ) الذى قام بترجمته للباحث جفرى بارندر:
" معني كلمة ماني بالفارسية:"الفريد , النادر". وهو ماني بن فاتك مؤسس الديانة المانوية التي كانت مزيجا من الزرادشتية واليهودية والمسيحية. وكان أبوه من رجال همدان " هاجر الي بابل وولد ماني هناك, ادعي النبوة بعد ان أتطلع على الأديان الموجودة وسمي نفسه " فارقليط" الذى اخبر عنه المسيح .
ومن أقواله :
" يبشر الأنبياء بأوامر الإله أحيانا من الهند بواسطة زرادشت , والان أرسلني الله لنشر دين الحق في بابل ... أرسلني الله نبيا من بابل حتى تصل دعوتي العالم."
( المعتقدات الدينية لدي الشعوب ) جفرى بارندر – ترجمة د. إمام عبد الفتاح إمام - عالم المعرفة . ص 129

وعن ماني يقول جفري بارندر:
" أعلن ماني انه هو الذي جاء ليتمم عمل زرادشت وبوذا والمسيح , فهؤلاء جميعا شذرات ناقصة من الحقيقة, لكن حتي هذه الشذرات قد أفسدها اتباعهم...لقد خلق ماني , عن وعي , دينا جديدا وزوده بالطقوس والآداب الدينية , وحرم الأوثان ...انتشرت المانوية في كل مكان من الإمبراطورية الرومانية , وفي بلاد العرب..."
المعتقدات الدينية ص 129 –130

وجاء في كتاب: الموسوعة الفلسفية للدكتور عبد المنعم الحفني ص 417 –418 :

"ماني بن فاتك , مؤسس المانوية ...ادعي النبوة في الرابعة والعشرين ...والمانوية فرقة غنوسية مسيحية, كانت اخطر البدع التي تعرضت لها المسيحية , واطولها عمرا ذلك لأنها استمرت من القرن الثالث حتي القرن الثالث عشر, واعتنقها الكثيرون في سوريا وآسيا الصغري والهند والصين ومصر...وكان القديس أوغسطين نفسه مانويا لبعض الوقت, واهم أركانها قولها بالثنائية , أي إله النور وإله الظلام...والمانوية كفلسفة غنوسية مزيج من المسيحية واليهودية والبوذية والزرادشتية ... وكان ماني يقول انه النبي الرابع والاخير, سبقه المسيح وزرادشت وبوذا, لكنه يمتاز عليهم بانه وعظ وكتب بينما هم اقتصروا على الوعظ فقط..."

ويقول الدكتور عاطف شكري أبو عوض فى كتابه (الزندقة والزنادقة).دار الفكر-الأردن-عمان:

"نشأ مانى زاهدا متعبدا لا يأكل اللحوم ولا يتناول شيئا من الخمور إلى أن أوحى إليه ، وذكر عن نفسه أن الوحى نزل عليه فى الثالث عشر من عمره وجدد نزوله ثانية فى سن الخامسة والعشرين . . . وزعم أنه البرقليط الداعى الى الحق والهدى بعد عيسي عليه السلام ، بعد إقراره بنبوة عيسي وزرادشت وقال :
" إني مانى الذى بشر به عيسي " ص53-54

وعن العبادات والطقوس المانوية يقول:

" أما الصوم ، فقد شرع لإتباعه صيام سبعة أيام فقط كل شهر ، وفرض صلوات كثيرة ، ومن العبادات عند المانوية أن يقوم الرجل فيمسح بالماء . . . وعدد السجدات عندهم اثنتي عشرة سجدة وفى كل سجدة منها يقرأ دعاء" ص55

وعن الأخلاق فى المانوية يقول:

" وعلى من تمذهب بمذهب مانى أن … يتحلى بالأخلاق الفاضلة فيبتعد عن الكذب والبخل وإزهاق الأرواح البشرية وارتكاب الزنا." ص55

وعن انتشار المانوية فى بلاد العرب يقول:

" وقد انتشرت تعاليم مانى بسرعة فى البلاد ، فانتشرت بادئ الأمر تآليفه فى بلاد بابل ومن هنا انتشرت عبر الشام وفلسطين وفى قبائل تغلب وغسَّان فى شمال الجزيرة العربية ومنها الى مصر ، فتلقفها الرهبان وعلموها للعامة من سواد الشعب ، ومن مصر امتدت تعاليم مانى الى شمال أفريقيا" ص55

وجاء فى دائرة المعارف البريطانية Encyclopaedia Britannica تحت مقالة Manichaeism

Mani viewed himself as the final successor in a long line of prophets,

beginning with Adam and including Buddha, Zoroaster, and Jesus

Mani regarded himself as the carrier of a universal message

destined to replace all other religions.

وترجمتها :

"اعتبر مانى نفسه المبعوث الخاتم لسلسلة من الانبياء بدأت بآدم وضمت بوذا وزرادشت ويسوع ( عيسى )."

"رأى مانى نفسه كمبعوث برسالة عالمية كان مقدرا لها ان تحل محل كافة الاديان"

وجاء فى موسوعة Microsoft Encarta Encyclopedia 2000 الإلكترونية هذه المقتطفات التى قمنا بترجمتها:

" بين الثانية عشر والرابعة والعشرين انتابت ماني رؤي لاحد الملائكة ابلغه فيها انه سيكون نبيا جديدا لوحي السماء الاخير …أعلن ماني انه هو خاتم الأنبياء...امتنع اتباعه من طائفة "المختارين" عن شرب الخمر..."


ويورد د. عبد الرحمن بدوى رأى المستشرق هانز هينرش شيدر

"أن مانى كان يحسب نفسه (خاتم)دورة من الأنبياء تتكون من زرادشت وبوذا والمسيح ،وانه عدَّ نفسه ذا نفس الماهية التى لهم وللشمس أيضا … كما يتعلق هذا الموقف السلبي بالمسيح الذى مجده النصارى على أساس انه من صُلِبَ وتحمل الآلام ،بينما مانى- شأنه شان محمد تماما(سورة النساء:آية156 )-قد رفض فكرة الصلب وعدها خرافة، وقال بمسيح روحي خالص."
(الإنسان الكامل فى الاسلام.د.عبد الرحمن بدوى ص40 وكالة المطبوعات-الكويت)

وجاء فى موسوعةEncyclopedia of the First Millennium of Christianity الإلكترونية هذه المقتطفات التى قمنا بترجمتها :

"المانوية ديانة غنوصية . . .كان ينظر إليها ، لمدة طويلة ،باعتبارها إحدى الهرطقات المسيحية ، لكن من الواضح إنها ديانة مستقلة أُسست على مصادر متعددة من مصادر المسيحية والزردشتية والبوذية. . . عندما كان فى الرابعة والعشرين تلقى مانى وحيا خاصا من الله دعاه لاكمال الديانات الناقصة التى أسسها الأنبياء السابقين. . . وكان يذيع بين الناس انه {رسول الحق} وانه {البارقليط}الذى وعد به المسيح. . . وجوهر المانوية يتلخص فى مبدأ الثنوية المطلقة :الصراع البدئى بين الله الذى يمثله النور والروح ، والشيطان الذى يمثله الظلام
والعالم المادى.والبشر الذين خلقهم الله كانت أرواحهم ذات طبيعة إلهية ، لكنهم حملوا فى داخلهم بذور الظلام التى زرعها فيهم الشيطان بسبب أجسادهم المادية.ويرى مانى انه حتى ينال الإنسان الخلاص ،عليه أن يحرر بذور النور-النفس- من الظلام المادى الذى يقيدها…
أنكرت المانوية ان يكون للمسيح جسدا . . .واعتبرت النساء من قوى الظلام التى تربط الرجال للجسد"


تأثر الاسلام بالمانوية (ديانة مانى)

بعد هذه الجولة السريعة والقصيرة فى مصادرنا التى اعتمدنا عليها فى هذا البحث ، يتضح ان بين ماني وديانته من ناحية , ومحمد والاسلام من ناحية أخرى علاقة كبيرة في بعض الأوجه, حيث يتضح مدى تأثر الإسلام بالفكر الديني المانوى الذى كان منتشرا في أنحاء متعددة من بقاع العالم , بما فيها بلاد العرب.

فلقد شهدت بلاد العرب ومصر وسوريا وآسيا الصغري رواجا للديانة المانوية وانتشرت أفكارها انتشارا كاد يهدد المسيحية من القرن 3 الي القرن 13. لذلك عندما ظهر محمد في أواخر القرن السادس وبداية القرن السابع, كانت المانوية معروفة لاكثر من 300 سنة.لذلك نجد في عقائد الاسلام صدى واضح لما زعمه مانى.

1-ظهور الملاك له

زعم ماني ان ملاكا من عند الله اسمه (القرين) ظهر له وابلغه ان الله اصطفاه واختاره نبيا للعالم اجمع , بل جعله آخر الأنبياء ليهدى به الضالين والذين حرفوا أديان الأنبياء السابقين أمثال المسيح وزرادشت وبوذا.

وجاء محمد فقال للناس أن الملاك جبريل(وهو من الملائكة التى قال بها مانى نقلا عن اليهودية والمسيحية) نزل إليه بكتاب { نزل به الروح الأمين} الشعراء 193 ليهدى به الناس كافة وليصحح أديان الأنبياء السابقين ، ومن بينهم عيسي .

ويلاحظ ان فى زعم كلا من ماني ومحمد ، ان ملاكا ظهر لهما فأوحى لهما وحي الله ، محاولة منهما لإضفاء المصداقية والصبغة الإلهية على دعوتهما

2-خاتم الأنبياء والمرسلين

كما أبلغ الملاك مانى بأنه خاتم الأنبياء ، نرى محمد يكرر نفس الزعم قائلا ان الملاك جبريل ابلغه انه خاتم الأنبياء والمرسلين , وان الله انزل عليه وحي السماء(القرآن) ليهدى به المشركين والكفار والضالين من أهل الكتاب.فمحمد هو خاتم النبيين
{ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين
وكان الله بكل شيء عليما} الأحزاب 40,

3- نبي الهداية والحق

زعم مانى انه رسول الهداية والحق ومن أقواله :

{ثم نزل هذا الوحي وجاءت هذه النبوة فى هذا القرن الأخير على يدىَّ أنا "مانى" رسول إله الحق إلى أرض بابل}

وقال أيضا: { إني جئت من بلاد بابل لأبلغ دعوتي للناس كافة} ،

وكذلك زعم محمد نفس الزعم وقال أن الكتاب الذى نزل عليه فيه الهداية والنجاة للناس كما تقرر هذه الآيات:

{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} الإسراء 9

{لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} النور 46

{ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد} سبا 6

{قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} الإسراء 88

{وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم} النمل 6

{ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون} الزمر 27

4-السابقون المحرفون

زعم مانى أن اتباع الرسل السابقين حرفوا تعاليمهم ،مما جعل الله يرسل خاتم رسله ليصحح العقائد الفاسدة المحرفة ويهدى الناس للحق .

ولقد نهج محمد نفس النهج تبريرا لنبوته ودعوته ، وقال بتحريف اليهود والنصارى للكتب التى أنزلها الله على أنبيائه السابقين ، وفى ذلك يقول القرآن:

{أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}البقرة 75

{من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}النساء 46

{فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين}المائدة13

{يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}المائدة41

5-تحريم الأوثان

حرم ماني عبادة الأوثان,وهذا نفسه ما حرمه محمد
{ فاجتنبوا الرجس من الأوثان} الحج 30

{ يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} المائدة 90

6-بشارة المسيح بنبي يأتي من بعده

وزعم ماني ان المسيح تنبأ أن نبيا من بعده(البارقليط) سيرسله الله ، فقال انه هو هذا النبي.
وجاء محمد وزعم نفس الشىء بان قال انه هو النبي ، بل جعل المسيح يذكر اسمه تحديدا :
{وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد}الصف 6

7-تحريم الخمر

حرَّمت المانوية الخمر ، وجاء الاسلام فحرمها بالتدريج:
{يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون}البقرة 219

{يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون}المائدة90

{إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}المائدة91

8-وما قتلوه وما صلبوه

قال مانى ان المسيح لم يصلب لانه كان ذا طبيعة روحانية ، وانتقل هذا المذهب المانوى الغنوصى الى الإسلام حيث كرر محمد أن المسيح لم يقتل ولم يصلب :

{وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا}النساء157

وهذا يدل دلالة واضحة على تأثر محمد بالعقائد الغنوصية ومن بينها المانوية.فتلك العقائد كانت منتشرة فى كافة أنحاء منطقة الشرق الأوسط قبل محمد بمئات السنين.
( انظر بالتفصيل دراستنا بعنوان :
مذهب الدوسيتية الغنوصى و "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
على هذا الرابط
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?fid=5&tid=19050&sid=


9-الصلاة والصوم والركوع والزكاة

كان مانى يؤكد على المحافظة على الصلاة والصوم والزكاة والسجود،وهو نفس ما أكد عليه محمد فى القرآن.ولقد كان المانويون يصلون أربع مرات فى اليوم ،أما محمد ففرض خمس صلوات. وكان يأمر مانى اتباعه ان يسجدوا اثنتي عشر مرة كل صلاة ، وبالمثل فعل محمد ، لكنه قلل من عددها.

وهذه هى بعض من الآيات الكثيرة التى يدعو فيها محمد للحفاظ على الصلاة والصوم والسجود والزكاة:

{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}البقرة238

{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}البقرة43

{وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما بصير}البقرة110

{إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}البقرة277

{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} المائدة 55

{قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال}ابراهيم31

{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} البقرة183

10-الوضوء والتيمم

فرض مانى الوضوء بالماء الجارى قبل الصلاة ، وفى حالة تعذر الماء سمح لهم بالتطهر بالرمل او ما شابهه ، وهذا ما فعله محمد بالتمام فقال بالوضوء بالماء وبالتيمم ، وفى ذلك قال :

{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}المائدة 6

11-المرأة شر

نظرت المانوية للمرأة باعتبارها مصدر غواية للرجل ، مصدرا مظلما للشهوات المادية والجسدية التى تحرم الرجل من الصفاء الروحى الذى بدونه لن يستطيع الاتصال بالنور الإلهي.ويبدو ان مانى تأثر فى هذه الفكرة بالتراث اليهودي والمسيحي الذى قال ان الخطيئة الأولى كان ورائها حواء التى أغوت آدم فى الجنة .

ولقد انتقلت هذه الفكرة للإسلام سواء عن طريق اليهودية أو المسيحية أو المانوية.فينسب لمحمد أقوال كثيرة ترى فى المرأة مصدرا للشر والغواية وأنها عميل الشيطان مثل الأحاديث : ما اجتمع رجل وامرأة إلا وثالثهما الشيطان ، وان اكثر سكان النار من النساء. الخ

12-الأخلاق

الدعوة للأخلاق كانت من السمات الأساسية للفكر الدينى بوجه عام .فجاءت الوصايا العشر فى التوراة توصى الإنسان ألا يقتل أو يسرق أو يزنى أو يكذب (الخروج 20 ) .وقالت المسيحية بنفس الشيء.وكذلك دعا مانى الى نفس المبادئ.وكان طبيعيا أن ينادى محمد هو أيضا بهذا الميراث الأخلاقي القديم.

13-رسائل الى ملوك وحكام العصر

أرسل مانى رسائل الى حكام عصره يشرح فيها دعوته ويدعوهم للإيمان بها ، وتروى لنا كتب السيرة والتفاسير والتاريخ الإسلامية نفس الشىء عن محمد الذى أرسل الرسائل الى حكام عصره ، فقيل انه أرسل الى كسرى فارس وإمبراطور الروم ومقوقس مصر يدعوهم للإيمان بدعوته وبنبوته.

14-منهج مزج العقائد المختلفة

واخيرا نلفت الانتباه الي التشابه الشديد لمنهج ماني ومنهج محمد في تأسيس ديانتهما.فكما أن ماني مزج بين عقائد البوذية والمسيحية والزرادشتية, كذلك قام محمد بمزج المعالم البارزة للعقائد المنتشرة حينئذ في بلاد العرب وما حولها مثل العقائد المسيحية متعددة المذاهب والتي صدر عنها عشرات الفرق الباطنية الغنوصية (الهرطقات) والعقائد البدوية الوثنية التى تغلغلت في نفوس العرب(مثل عادة وثنى العرب في الحج وطقوسه) والعقائد اليهودية والزرادشتية والمانوية وغيرها.

الكاتب: سواح

المصدر: شبكة اللادينيين العرب

====================
مواضيع ذات علاقة:
فهرس مقالات شبكة اللادينيين العرب في المدونة

هناك 5 تعليقات:

  1. والله ما انا عارف ما هو محمد في اي جامعه تلقى علومه وكيف حفظها فتراه استند في دينه الجديد على علوم السابقين السومريين والبابليين والسريان والهند والصين والمحيط الهادي والهندي والهنود الحمر واليهود والتوراة بجميع نسخها والاناجيل المعترف وغير المعترف بها اين المكتبة الخاصة به ارى الواحد منكم يجلس نهرا حتى يكتب سطرا
    حق علي ان اتبعه

    ردحذف
  2. ياللعجب بعد ذلك انا مانى بدون زحمة كيف اصلى؟ما المقدار الزكاة؟ ياللروعة هذا الدين القيم

    ردحذف
  3. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  4. ***** الانسان بين فطرة التدين و اكتساب الدين : جدلية الفطرة و المجتمع ****
    بقلم : خالد احباروش

    نعم . إن الانسان مفطور على التدين (( لهذا السبب حاول الحديث النبوي - المعروف بحديث الفطرة - أن يطابق بين تلك الفطرة الأولية من جهة و بين الدين الاسلامي كما نشأ في جزرة العرب من جهة أخرى )) . بيد ان ثمة مسألة فكرية لا مناص من الاشارة إليها ألا وهي ملامسة الفروق الكائنة بين سيكولوجية التدين الناشئة من دماغه ( أي حضور الروحانية كحالة إنسانية عامة في النوع البشري ) وبين الدين نفسه كمعطى سوسيوثقافي خاص بسياق تارخي محدد مجتمع مخصوص

    [ ( إني غالبا ما أشبه علاقة سيكولوجية التدين و الدين بعلاقة ملكة اللغو باللغة كما تحدث عنها نعوم تشومسكي ( اي أن الطفل يولد بملكة اللغو -- بما هي استعداد انساني عام لأداء اي لغة كيفما كانت -- ....و لكن حينما يشرع الطفل المولود في تعلم لغة مجتمعه-- ( أي تلك اللغة الملموسة و الحاضرة أمامه كمعطى ثقافي /تاريخي محدد في سياق تاريخي معين-- ) يكون قد خصص ملكة اللغو عنده ) ]
    إذن فالطفل يولد بفطرة التدين لكن حينما يشرع في تعلم طقوس دين مجتمعه يكون قدخصص هذه الفطرة في إطار ذاك الدين

    1// سيكولوجية فطرة التدين
    --------------------------------------------------
    إن سيكولوجية التدين , ناشئة عن عدة عناصر
    اولا عن الاحساس الانساني بالقلق الوجودي :
    -----------------------------------------------------
    إن الوعي الغامض بماهية الموت و ما يثيره في الشخص الانساني من قلق على مصير هويته الذاتية بعد هلاكه أدى - يؤدي و سيؤدي - حتما الى نشوء القلق الميتافيزيقي عنده ....
    كل التساؤلات النابعة عن الوعي بالحياة والموت و الوجود والعدم تحضر دائما : أنا سأموت حتما يوما ما ... لكن ما هو مصيري بعد الموت ؟ سؤال كهذا طرح منذ فجر الانسانية أي منذ أن صار الإنسان يعي مصيره
    بما أن السؤال كان يتمحور حول المصير مابعد الموت ( أي ما بعد الحياة الطبيعية ) فلا بد لإجابة عن سؤال ميتافيزيقي كهذا , أن تأتي - هي أيضا - بشكل ميتافيزيقي : ( أي بطريقة تلامس ما وراء الطبيعة)
    و لفد كانت كل الإجابات الانسانية التي قدمت لهذا السؤال المقلق الناشئ عن الوعي بالموت الحتمي - منذ فجر التاريخ - خاطئة تماما ))

    ثانيا : ناشئة عن الاحساس بالعجز أمام الطبيعة
    ------------------------------------------------
    و هو العجز التام وقت انقلاب الطبيعة أمام عينيه بشكل يثير فيه الهلع خصوصا لحظة غضبها ( الزلازل / البراكين / الاوبئة الفيضانات الرعد و الصواعق ....الخ )
    أي لحظة الكوارث الهدامة والقاتلة التي لم بكن يستطيع تفسير أسبابها الفزيائية فينبري يفسرها بقوى ما ورائية
    ثالثا ناشئة عن الخوف من المجهول
    -----------------------------------------------
    ( لذلك كثيرا ما يطمن الانسان للمعلوم و يجنح بالفطرة نحو المعروف وما جرت به العادة لأن في ذلك مصدر للسكينة بالنسبة إليه ...في المقابل يقلق كثيرا في كل لحظة يرتاد فيها المجاهيل و قد تعلم الانسان باكرا كيف يتسلح بالعرائم والتمائم و الدعوات خاصة عند ركوب المجهول قاصدا بذلك استجلاب خير آلهته وقت الصعاب ........الخ )

    إذن , سيكولوجية التدين هي أولية في الانسان و هي صفة عامة تشمل الجنس البشري كله
    إنها تحضر كمعظى بيوسيكولوجي أولي في الطبيعة البشرية بغض النظر عن اللون والجنس والزمان والمكان
    إنها ميزة تطورية في النوع الانساني جعلته يقاوم غربته الوجودية بعد ان صار عاقلا ( الهمو سابينز ) أي بعد أن صار واعيا بالاخطار المحدقة به و بهلاكه المحتوم خلافا للحيوانات غير العاقلة ....
    فالتدين كان ضرورة تطورية عند الانسان البدائي و كان اداة سيكولوجية فعالة للاستئناس بهول الموت والطبيعة الموحشة في الادغال والبراري
    لذلك كلما زاد فهم الانسان للطبيعة والكون و الموت كلما خفت القلق الميتافيزيقي لديه و بهذا ما انفك الانسان يكتشف ان التدين لم يكن سوى اصطفاءا تطوريا لتلك الاغراض عينها منذ البدايات الاولى لتطور وعيه بمصيره المجهول ....
    وكلما ادرك عمق هذه الامور خفت لديه ايضا احساسه بالتدين وهذا ما أدى بأغلب العلماء الكبار اليوم أن يكونوا لادينيين .

    لهذا الأسباب المبينة يجوز القول : إن الانسان كائن رمزي متدين لكن رمزية تدينه هنا تحضر كقدرة تطورية عن التعبير الرمزي عن قلقه الميتافيزيقي اي تحضر لاعطاء اجابات رمزية تنهي قلقه وتعيده الى الطمأنينة الوجودية

    ردحذف
  5. -------------- تابع ---------

    2// الدين
    -----------------------
    اما الدين فهو أداء رمزي وحضاري يحضر كمعطى سوسيو/ثقافي في سياق تاريخي (زماني/ مكاني) معين .
    إنه يتجلى كإطار رمزي مخصوص يقوم بقولبة عمومية الروحانية الفطرية-- أي تلك التي اصطفاها التطور عند نوع الهوموسابينز -- في شكل منظومة تاريخية معينة من الطقوس التعبدية / الرمزية والقواعد السلوكية/ الاجتماعية ( نطلق عليها صفة الدين)

    يكمن دورالدين في تقديم سلسلة من الاجابات الخاصة و الملموسة - و بطريقة فعلية في الواقع المعيش - عن جملة من تساؤلات ميتافيزيقية عامة و مجردة ( أي تلك الناشئة عن القلق الوجودي الميتافيزيقي و عن العجز أمام قسوة الطبيعة و عن الخوف من المجهول )
    اي خلق المعنى ضد اللامعنى و العمل - من ثم - على الإستئناس بالمألوف ضد المجهول بما يؤدي إلى تكريس الطمأنينة ضد القلق
    بهذا الابداع الخيالي - الذي فضله التطور كما قلت - استطاع الانسان أن يقهر غربتة الوجودية قهرا سيكولوجا (( حتى و لو كان ذلك بأشكال اسطورية و خرافية على حساب العقل )) ......
    إن الأمر المهم هو تحقيق الطمانينة السيكولوجية الميتافيزقية والاجتماعية ( أي تحقيق السلم الاجتماعي بين صفوف الجماعة الدينية ) , ذلك ضد الاحساس بالضياع الوجودي و ضد القلق الميتافيزيقي و الاجتماعي
    و دور الدين يكمن في مثل هذه الامور بالاساس

    ردحذف