14‏/05‏/2007

الفارق القرآني بين نشوز الزوجة ونشوز الزوج

إن القرآن الكريم (الذي جاء دستورا للعالم أجمع) قد حدّد بوضوح حكم نشوز كل من الزوج والزوجة، ولكن حكم نشوز الزوجة يختلف تمام الاختلاف عن حكم نشوز الزوج.

فيما يلي سنستعرض كلا الحكمين:

حكم الزوجة الناشز
كلنا نعرف الآية الشهيرة للغاية وهي الآية 34 من سورة النساء والتي تنص على:

اقتباس
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا

وقد ورد تفسير ابن كثير للآية كما يلي:

اقتباس
وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ " أَيْ وَالنِّسَاء اللَّاتِي تَتَخَوَّفُونَ أَنْ يَنْشُزْنَ عَلَى أَزْوَاجهنَّ وَالنُّشُوز هُوَ الِارْتِفَاع فَالْمَرْأَة النَّاشِز هِيَ الْمُرْتَفِعَة عَلَى زَوْجهَا التَّارِكَة لِأَمْرِهِ الْمُعْرِضَة عَنْهُ الْمُبْغِضَة لَهُ فَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا أَمَارَات النُّشُوز فَلْيَعِظْهَا وَلْيُخَوِّفْهَا عِقَاب اللَّه فِي عِصْيَانه فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَوْجَبَ حَقّ الزَّوْج عَلَيْهَا وَطَاعَته وَحَرَّمَ عَلَيْهَا مَعْصِيَته لِمَا لَهُ عَلَيْهَا مِنْ الْفَضْل وَالْإِفْضَال وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُد لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَة أَنْ تَسْجُد لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَم حَقّه عَلَيْهَا " . وَرَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ " إِذَا دَعَا الرَّجُل اِمْرَأَته إِلَى فِرَاشه فَأَبَتْ عَلَيْهِ لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَة حَتَّى تُصْبِح " رَوَاهُ مُسْلِم وَلَفْظه " إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَة هَاجِرَة فِرَاش زَوْجهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَة حَتَّى تُصْبِح " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزهنَّ فَعِظُوهُنَّ " وَقَوْله " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع " قَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : الْهَجْر هُوَ أَنْ لَا يُجَامِعهَا وَيُضَاجِعهَا عَلَى فِرَاشهَا وَيُوَلِّيهَا ظَهْره وَكَذَا قَالَ غَيْر وَاحِد وَزَادَ آخَرُونَ مِنْهُمْ السُّدِّيّ وَالضَّحَّاك وَعِكْرِمَة وَابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة وَلَا يُكَلِّمهَا مَعَ ذَلِكَ وَلَا يُحَدِّثهَا وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة أَيْضًا عَنْ اِبْن عَبَّاس : يَعِظهَا فَإِنْ هِيَ قَبِلَتْ وَإِلَّا هَجَرَهَا فِي الْمَضْجَع وَلَا يُكَلِّمهَا مِنْ غَيْر أَنْ يَرُدّ نِكَاحهَا وَذَلِكَ عَلَيْهَا شَدِيد وَقَالَ مُجَاهِد وَالشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم وَمُحَمَّد بْن كَعْب وَمِقْسَم وَقَتَادَة : الْهَجْر هُوَ أَنْ لَا يُضَاجِعهَا وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ عَلِيّ بْن زَيْد عَنْ أَبِي مُرَّة الرَّقَاشِيّ عَنْ عَمّه أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " فَإِنْ خِفْتُمْ نُشُوزهنَّ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِع " قَالَ حَمَّاد يَعْنِي النِّكَاح وَفِي السُّنَن وَالْمُسْنَد عَنْ مُعَاوِيَة بْن حَيْدَة الْقُشَيْرِيّ أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُول اللَّه مَا حَقّ اِمْرَأَة أَحَدنَا عَلَيْهِ قَالَ " أَنْ تُطْعِمهَا إِذَا طَعِمْت وَتَكْسُوهَا إِذَا اِكْتَسَيْت وَلَا تَضْرِب الْوَجْه وَلَا تُقَبِّح وَلَا تَهْجُر إِلَّا فِي الْبَيْت " وَقَوْله وَاضْرِبُوهُنَّ أَيْ إِذَا لَمْ يَرْتَدِعْنَ بِالْمَوْعِظَةِ وَلَا بِالْهِجْرَانِ فَلَكُمْ أَنْ تَضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ جَابِر عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَجَّة الْوَدَاع " وَاتَّقُوا اللَّه فِي النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عِنْدكُمْ عَوَان وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح وَلَهُنَّ رِزْقهنَّ وَكِسْوَتهنَّ بِالْمَعْرُوفِ " وَكَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَغَيْر وَاحِد ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ يَعْنِي غَيْر مُؤَثِّر قَالَ الْفُقَهَاء هُوَ أَنْ لَا يَكْسِر فِيهَا عُضْوًا وَلَا يُؤَثِّر فِيهَا شَيْئًا , وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس : يَهْجُرهَا فِي الْمَضْجَع فَإِنْ أَقْبَلَتْ وَإِلَّا فَقَدْ أَذِنَ اللَّه لَك أَنْ تَضْرِبهَا ضَرْبًا غَيْر مُبَرِّح وَلَا تَكْسِر لَهَا عَظْمًا


أي أن الرجل إذا تخوّف أو استشعر أو ظن أن زوجته تتعالى عليه أو تبغضه فله أن يعظها ويهجرها في الفراش بل ويضربها، وقد ضرب ابن كثير مثلا بالحديث الصحيح التالي:

اقتباس
جَاءَتْ اِمْرَأَة إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو أَنَّ زَوْجهَا لَطَمَهَا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ " الْقِصَاص " فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : الرِّجَال قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء " الْآيَة . فَرَجَعَتْ بِغَيْرِ قِصَاص



حكم الزوج الناشز
بعد أن استعرضنا حكم الآية 34 من سورة النساء في الزوجة الناشز، فإن حكم الزوج الناشز يقع أيضا في نفس سورة النساء وتحديدا في الآية 128 والتي تنص على:

اقتباس
وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ


وقد ورد أيضا في تفسير بن كثير للآية ما يلي:

اقتباس
إِذَا خَافَتْ الْمَرْأَة مِنْ زَوْجهَا أَنْ يَنْفِر عَنْهَا أَوْ يُعْرِض عَنْهَا فَلَهَا أَنْ تُسْقِط عَنْهُ حَقّهَا أَوْ بَعْضه مِنْ نَفَقَة أَوْ كِسْوَة أَوْ مَبِيت أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ حُقُوقهَا عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَقْبَل ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا حَرَج عَلَيْهَا فِي بَذْلهَا ذَلِكَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فِي قَبُوله مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنهمَا صُلْحًا ثُمَّ قَالَ وَالصُّلْح خَيْر أَيْ مِنْ الْفِرَاق

أي أن الزوجة إذا خافت من زوجها نشوزا أو نفورا أو إعراضا فالحل بالنسبة لها هو أن تسقط عنه حقّها أو بعضه من نفقة أو كسوة أو مبيت، وقد ضرب التفسير مثلا بالحديث الصحيح التالي:


اقتباس
لَمَّا كَبِرَتْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَة عَزَمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِرَاقهَا فَصَالَحَتْهُ عَلَى أَنْ يُمْسِكهَا وَتَتْرُك يَوْمهَا لِعَائِشَة فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا وَأَبْقَاهَا عَلَى ذَلِكَ


-----------------------------------

ممّا ورد عاليه نجد أن حكم الزوجة الناشز يختلف تماما عن حكم الزوج الناشز:
- فالزوج الذي يخشى نشوز زوجته له أن ينصحها ويهجرها في الفراش بل ويضربها.
- أما الزوجة التي تخشى نشوز زوجها فالحل أمامها هو أن تتنازل له عن بعض من حقوقها مقابل الإبقاء عليها.

هل هناك أي سبب لاختلاف الحكم باختلاف الجنس برغم أن النشوز هو النشوز (بنص الآيتين) ولكن في الحالة الأولى الحل هو التأديب والترهيب بينما في الحالة الثانية فإن الحل هو الترغيب والإذعان

الكاتب: brain_user

http://www.el7ad.info

هناك 4 تعليقات:

  1. صديقي....دعك من العامة و عقلهم المتخم بالخرافات التي كانوا يتلقونها منذ أن ولدو لهذه الحياة و من الصعب إعادة العقل الذي تمت له عمليه غسل دماغ لسنوات عديدة....ألا ترى ردهم السخيف الطفولي في كل مقالة(((إذاً أنت من أين أتيت و من خلق لك أي؟؟ك لتتناسل به.هههه))شيىء يجعلني أضحك.ولكن ليس مسخرة بل (شر البلية ما يضحك).أرجو من القراء أن يتابعو كتاباتك بعقل مفتوح و أن يتخيلو أنهم يقرأون عن ديانة أخرى غير ديانتهم الحقيقة و سيتفاجئون من كم الخرافات: التي لو كانت من ديانة أخرى لخرو للأرض ضحكاً,السؤال هو؟ هل سيتغلبون على تفكيرهم الباطني المغسول و المبرمج بالعقلانية و التفهم. هل سيمارسون إنسانيتهم.لأنك لو سألت أي واحد منهم. ما الفرق بين الإنسان و الحيوان و لم الله أرسل الرسل للإنسان فقط و لم يرسل للحيوانات,فسيجيبونك فوراً:العقل.
    فهل يا ترى سيستخدمونه هنا في قرائة مقالاتك.صدقني ..يجدون مقالاتك صعبة التصديق لأنهم يرفضون فكرة أنهم بشر لا يتفكرون و كانو مخدوعين العقل الباطني يرفض الفكرة فحسب بل و يرفضون اللإعتراف بالحق و يريدون منك أن تستسلم لهم فحسب. هم لا يعرفون لذة أن تقول (كفا أنها خرافات) لقد أحسست عندما قلتها بالنشوى و كأني ولدت من جديد و لكني لا أنكر أنني تطلبت جهدا كبيرا للخروج من السجن العقلي الذي كنت به,و أنا أشكر أمثالك الذين حرروني من الظلم و الجهل و الظلام و دمت للعقل.

    ردحذف
  2. راجع الآية (( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)) أن يصلحا بينهما
    القرآن حجة وليس بن كثير حجة على القرآن
    ثم ما كم الحوادث المماثلة وكم الحلول والمعالجات
    أنت تشخصن المسألة لغرض في نفس يعقوب وهي أصلا ليست مشخصنة

    ردحذف
  3. ليس فرق قرآني ((وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ))
    بل تفريق منك
    بالله عليك يصح منك تعميم ما ذهب إليه بن كثير على جميع حالات النشاز وهل يجوز حشر التصالح في هذا الفهم الضيق المقولب أترك الإجابة

    ردحذف
  4. النشوز لغة هو الارتفاع أما اصطلاحا فهو ترفع الزوجة عن زوجها أو ترفع الزوج عن زوجته
    لقد بين لنا كاتب المقال ما يمكن للزوج ان يفعل ضد زوجته اذا نشزت حسب ماخولته إياه الآية للقرىنية...فكان له الوعظ ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح ...اي له ان يعظها اولا ثم له أن يبدأ في مسلسل التأديب والترهيب
    أما في حالة نشوز الزوج فليس للزوجة سوى التماس الصلح بينهما و لكن ماهو الحل اذا تماذى فى نشوزه [[ رأينا كيف أن الآية خولت للزوج حق الهجر و حق الضرب غير المبرح في حالة ما فشل الوعظ ...]] فماذا اعطت الآية للزوجة من حقوق إذا ما فشل الصلح . لاشيء لكن السنة النبوية -- بحكم أنها شارحة ومكملة للقرآن -- أتت بالحل لهذه المعضلة. وما أورده ابن كثير لم يات به من حواطره و لم يكن البتة تفسيره بالرأي الذي يمكن ان يرد عليه فهو علامة كبير كما تعلم وفوق ذلك هويفسر بالأثر .... والأثر الذي استند إليه العلامة يكمن في السنة النبوية ذاتها حيث استلهم نشوز النبي عن زمعة بنت سوده لما كبر سنها وكان عازما على تطليقها ... فما كان من سودة إلا أن تنازت عن بعض حقوقها وهو التنازل الكلي عن ليلتها لعائشة ضرتها (( كانت بنتا صغيرة )) مقابل ان يتركها زوجة له .

    ردحذف