كثيرا ما نسمع من بعض المسلمين اتهامات لكل من يختلف معهم في نظرته للدين بالصهيونية والتعاون مع إسرائيل. الغريب في الأمر أنهم لا يعترفون عادة بأن القرآن قد أقر الزعم اليهودي بأن لبني إسرائيل في فلسطين حقا إلهيا بمنحه تلك الأرض لهم، وحقا تأريخيا بإقرار أساطيرهم مثل مزاعم مملكة داود وسليمان بينما اليوم يفند علماء آثار إسرائيليون اسطورة تلك المملكة.
لماذا لا يوفر السادة المسلمون نعت "الصهيوني" لنبيهم بدلا من اللادينيين الذين لا يؤمنون بأساطير الكتاب المقدس والقرآن؟
كيف يدعي الإسلاميون أنهم على حق في الصراع على أرض يزعم كتابهم المقدس "الصالح لكل زمان" أنها لبني إسرائيل؟
أترككم مع المقال التالي ليوضح من المصادر الإسلامية دعم القرآن للمزاعم اليهودية بأحقية بني إسرائيل في فلسطين .. أثير العراقي
فلسطين لبني إسرائيل – يقول القرآن
الكاتب: نبيل فياض. المصدر: موقع الأوان
من الصعوبة بمكان أن تكتب موضوعيّاً في زمن غير موضوعي. فما بالك أن تكتب بوحي العقل في عالم لا يعرف غير حكم الغرائز؟ لا شكّ أن الكتابة بموضوعية في المسألة اليهودية قضيّة محفوفة بالمخاطر. وسيف التخوين على من يفكّر بحيادية مسلط دائماً؛ تماماً كما هو سيف التكفير. لكن الحقيقة أهم بما لا يقارن من أية سيوف، شهرت أم لم تشهر. والتعامل الموضوعي مع المسألة اليهودية صار أمراً واجباً أخلاقيّاً، خاصة بعد أن نبش مؤرخو ما بعد الصهيونية كل ما في تاريخهم الفعلي من سواد.
نحن هنا أيضاً نحاول القول إن الركون إلى الوثائق الميثولوجية، في ظل غياب الوثائق التاريخية، خطأ معرفي قاتل. والكتب المقدّسة، عموماً، ليست غير وثائق ميثولوجية لا علاقة لها بالحقيقة، لا من قريب ولا من بعيد. الفلسطينيون حقيقة تاريخية؛ أما موسى فليس غير حكاية ميثولوجية. ورغم أن بعض الباحثين اليهود، في ظل تعارض الوثائق التاريخية مع وثائق التوراة وبالتالي وثائق القرآن، حاول أن يجد مبرراً لتناقضات حكاية موسى عبر القول إن تلك الحكاية " أسطرة تاريخ لا تاريخ أسطورة ": لكن هذا برأينا ليس غير أحد أنواع التعليل الذاتي المزيّف المطمئن؛ وأكثر أنواع الكذب شيوعاً هو ذلك الذي نمارسه مع أنفسنا.
الحقيقة التي لا لبس فيها أن اليهود أقوى من العرب بما لا يقارن إن كانت القضية تتعلق بالأساطير؛ أما إن تعلّق الأمر بالحقائق التاريخية، فلا مجال للمقارنة بين الطرفين – مؤرخو اليهود الموضوعيون أنفسهم يعرفون قبل غيرهم أن وقائعهم هي الأبعد عن الحقيقة.
القرآن وبني إسرائيل: النص الأهم!
في القرآن، سورة المائدة ( 5 )، وهي مدنية ومن أواخر السور بالترتيب الكرنولوجي لكتاب المسلمين المقدّس، نص هام للغاية، بؤرته الحديث عن العلاقة بين بني إسرائيل وفلسطين ومحيطها. وهنا سنحاول الوقوف عند آيات النص، آية آية، ومن ثم نقتطف نصوصاً من أهم التفاسير عند أهل السنة والجماعة، القرطبي وابن كثير والطبري.
الآية 20: " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ".
في تفسير القرطبي والطبري لمفهوم نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ؛ يقال" لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان أَحَد سِوَاهُمْ يَخْدُمهُ أَحَد مِنْ بَنِي آدَم ". لكن الطبري يقرّ بالاختلاف " فِيمَنْ عُنُوا بِهَذَا الْخِطَاب "، أي، وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فنقل عن بعضهم، " عَنَى بِهِ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهِ قَوْم مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". ثم ذكر اختلافاً آخر في مسألة وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فنقل عن بعضهم، إن ما أتاهم " هُوَ الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَالْحَجَر وَالْغَمَام ". وينكر بشدّة أن يكون هذا الكلام موجهاً لغير بني إسرائيل، أي للمسلمين؛ يقول النص: " قَوْل مَنْ قَالَ : وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ ، خِطَاب لِبَنِي إِسْرَائِيل ، حَيْثُ جَاءَ فِي سِيَاق قَوْله : " اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ " وَمَعْطُوفًا عَلَيْهِ . وَلَا دَلَالَة فِي الْكَلَام تَدُلّ عَلَى أَنَّ قَوْله : " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " مَصْرُوف عَنْ خِطَاب الَّذِينَ اُبْتُدِئَ بِخِطَابِهِمْ فِي أَوَّل الْآيَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَأَنْ يَكُون خِطَابًا لَهُمْ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَال : هُوَ مَصْرُوف عَنْهُمْ إِلَى غَيْرهمْ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ قَوْله : " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " لَا يَجُوز أَنْ يَكُون خِطَابًا لِبَنِي إِسْرَائِيل ، إِذْ كَانَتْ أُمَّة مُحَمَّد قَدْ أُوتِيَتْ مِنْ كَرَامَة اللَّه نَبِيّهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مُحَمَّدًا ، مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا غَيْرهمْ ، وَهُمْ مِنْ الْعَالَمِينَ ; فَقَدْ ظَنَّ غَيْر الصَّوَاب ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله : " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " خِطَاب مِنْ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ يَوْمئِذٍ ، وَعَنَى بِذَلِكَ عَالِمِي زَمَانه لَا عَالِمِي كُلّ زَمَان ، وَلَمْ يَكُنْ أُوتِيَ فِي ذَلِكَ الزَّمَان مِنْ نِعَم اللَّه وَكَرَامَته مَا أُوتِيَ قَوْمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ ، فَخَرَجَ الْكَلَام مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى جَمِيع كُلّ زَمَان ". ( أنظر أيضاً تفسير القرطبي ).
يقول ابن كثير في تفسير ، " إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًاً "،" أَنَّ مُوسَى ذَكَّرَ قَوْمه مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِأَيَّامِ اللَّه عِنْدهمْ وَبِآلَائِهِ قِبَلهمْ ، فَحَرَّضَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى اِتِّبَاع أَمْر اللَّه فِي قِتَال الْجَبَّارِينَ ، فَقَالَ لَهُمْ : اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ أَنْ فَضَّلَكُمْ بِأَنْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء يَأْتُونَكُمْ بِوَحْيِهِ وَيُخْبِرُونَكُمْ بِآيَاتِهِ الْغَيْب ، وَلَمْ يُعْطِ ذَلِكَ غَيْركُمْ فِي زَمَانكُمْ هَذَا ". ثم يضيف ملاحظة أخرى حول بني إسرائيل: " هُمْ كَانُوا أَشْرَفَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ مِنْ الْيُونَانِ وَالْقِبْطِ وَسَائِرِ أَصْنَافِ بَنِي آدَمَ ".
وفي تفسيره لنص " وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيل الْكِتَاب وَالْحُكْم وَالنُّبُوَّة وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ "، يقول ابن كثير: " كَانُوا أَفْضَلَ زَمَانهمْ ".
الآية 21: " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ".
في الآية السابقة لدينا ثلاثة مصطلحات هامة للغاية في سياق فكرة البحث: قَوْمِ و الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ و كَتَبَ.
بالنسبة للمصطلح الأول، قَوْمِ، نقرأ عند الطبري في تفسيره للكلمة: " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره عَنْ قَوْل مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل ، وَأَمْره إِيَّاهُمْ عَنْ أَمْر اللَّه إِيَّاهُ ، يَأْمُرهُمْ بِدُخُولِ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة ". ويؤكد ابن كثير في تفسيره النص ذاته: " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَحْرِيض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى الْجِهَاد وَالدُّخُول إِلَى بَيْت الْمَقْدِس ".
المصطلح الثاني، الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، كان محط خلاف العلماء؛ يقول الطبري في ذلك: " . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَرْض الَّتِي عَنَاهَا بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَة ، فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : الطُّور وَمَا حَوْله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ … عَنْ مُجَاهِد ، عَنْ اِبْن عَبَّاس : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "؛ قَالَ : الطُّور وَمَا حَوْله . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الشَّام . .. عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : " الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " قَالَ : هِيَ الشَّام . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَرْض أَرِيحَاء . .. قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " قَالَ : أَرِيحَاء . … عَنْ السُّدِّيّ ، قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء . .. عَنْ اِبْن عَبَّاس ، قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء . وَقِيلَ : إِنَّ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة : دِمَشْق وَفِلَسْطِين وَبَعْض الْأُرْدُن .
… غَيْر أَنَّهَا لَنْ تَخْرُج مِنْ أَنْ تَكُون مِنْ الْأَرْض الَّتِي بَيْن الْفُرَات وَعَرِيش مِصْر لِإِجْمَاعِ جَمِيع أَهْل التَّأْوِيل وَالسِّيَر وَالْعُلَمَاء بِالْأَخْبَارِ عَلَى ذَلِكَ ".
في تفسير ابن كثير للآية بعض مما قاله الطبري، دون إهمال للخلل الجغرافي في نصه؛ يقول المفسّر والتاريخي الشهير: " َقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " أَيْ الْمُطَهَّرَة؛ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : عَنْ الْأَعْمَش عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "؛ قَالَ: هِيَ الطُّور وَمَا حَوْله؛ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد. وَرَوَى سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي سَعْد الْبَقَّال عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء وَكَذَا ذُكِرَ عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَفِي هَذَا نَظَر لِأَنَّ أَرِيحَاء لَيْسَتْ هِيَ الْمَقْصُودَة بِالْفَتْحِ وَلَا كَانَتْ فِي طَرِيقهمْ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَقَدْ قَدِمُوا مِنْ بِلَاد مِصْر حِين أَهْلَكَ اللَّه عَدُوَّهُمْ فِرْعَوْن اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِأَرِيحَاء أَرْض بَيْت الْمَقْدِس كَمَا قَالَهُ السُّدِّيّ فِيمَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْهُ : لَا أَنَّ الْمُرَاد بِهَا هَذِهِ الْبَلْدَة الْمَعْرُوفَة فِي طَرَف الطُّور شَرْقِيّ بَيْت الْمَقْدِس ".
المصطلح الثالث الهام في الآية ذاتها هو كتب. يقول القرطبي مفسّراً المصطلح: " وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ، " الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ "، الَّتِي أَثْبَتَ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَنَّهَا لَكُمْ مَسَاكِن ، وَمَنَازِل دُون الْجَبَابِرَة الَّتِي فِيهَا ". مع ذلك، يطرح الطبري تناقضاً ظاهرياً حين يلاحظ، " فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَكَيْفَ قَالَ : " الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا بِقَوْلِهِ : " فَإِنَّهَا مُحَرَّمَة عَلَيْهِمْ " ؟ فَكَيْفَ يَكُون مُثْبَتًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَنَّهَا مَسَاكِن لَهُمْ ، وَمُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ سُكْنَاهَا ؟ قِيلَ : إِنَّهَا كُتِبَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل دَارًا وَمَسَاكِن ، وَقَدْ سَكَنُوهَا وَنَزَلُوهَا ، وَصَارَتْ لَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ . وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ مُوسَى : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " يَعْنِي بِهَا : كَتَبَهَا اللَّه لِبَنِي إِسْرَائِيل - وَكَانَ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ مُوسَى بِدُخُولِهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل - وَلَمْ يَعْنِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كَتَبَهَا لِلَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِهَا بِأَعْيَانِهِمْ ، وَلَوْ قَالَ قَائِل : قَدْ كَانَتْ مَكْتُوبَة لِبَعْضِهِمْ ، وَلِخَاصٍّ مِنْهُمْ ، فَأَخْرَجَ الْكَلَام عَلَى الْعُمُوم وَالْمُرَاد مِنْهُ الْخَاصّ ، إِذْ كَانَ يُوشَع وَكَالِب قَدْ دَخَلَا ، وَكَانَا مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَذَا الْقَوْل ، كَانَ أَيْضًا وَجْهًا صَحِيحًا … عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : " الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " الَّتِي وَهَبَ اللَّه لَكُمْ . وَكَانَ السُّدِّيّ يَقُول : مَعْنَى " كَتَبَ " فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى " أَمَرَ " … عَمْرو بْن حَمَّاد ، قَالَ : ثنا أَسْبَاط ، عَنْ السُّدِّيّ : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " الَّتِي أَمَرَكُمْ اللَّه بِهَا ".
كتب هنا تذكّرنا بآية فرض الصيام: كتب عليكم الصيام؛ والطبري والقرطبي على حد سواء يربطان بين مصطلح كتب ومصطلح أمر: " عَنْ قَتَادَة ، قَوْله : " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " أُمِرُوا بِهَا كَمَا أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحَجّ وَالْعُمْرَة " ( راجع تفسيريهما للآية ).
من ناحية أخرى، ففي تفسير ابن كثير للآية تذكير بقصة قديمة حول تملك بني إسرائيل لبيت المقدس: " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَحْرِيض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى الْجِهَاد وَالدُّخُول إِلَى بَيْت الْمَقْدِس الَّذِي كَانَ بِأَيْدِيهِمْ فِي زَمَان أَبِيهِمْ يَعْقُوب، لَمَّا اِرْتَحَلَ هُوَ وَبَنُوهُ وَأَهْله إِلَى بِلَاد مِصْر أَيَّام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام؛ ثُمَّ لَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى خَرَجُوا زَمَان مُوسَى، فَوَجَدُوا فِيهَا قَوْمًا مِنْ الْعَمَالِقَة الْجَبَّارِينَ قَدْ اِسْتَحْوَذُوا عَلَيْهَا وَتَمَلَّكُوهَا؛ فَأَمَرَهُمْ رَسُول اللَّه - مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام - بِالدُّخُولِ إِلَيْهَا وَبِقِتَالِ أَعْدَائِهِمْ وَبَشَّرَهُمْ بِالنُّصْرَةِ وَالظَّفَر عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا وَعَصَوْا وَخَالَفُوا أَمْرَهُ فَعُوقِبُوا بِالذَّهَابِ فِي التِّيه وَالتَّمَادِي فِي سَيْرهمْ حَائِرِينَ لَا يَدْرُونَ كَيْف يَتَوَجَّهُونَ إِلَى مَقْصِدٍ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عُقُوبَة لَهُمْ عَلَى تَفْرِيطِهِمْ فِي أَمْر اللَّه تَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة ".
الآية 22: " قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ".
هذه الآية هي مجرّد تكملة تفصيلية لما سبق، لكنها في التفاسير لا تخرج عن إطار الميثولوجيا الكاملة، التي هي من أصل يهودي. يقول الطبري أولاً: " ثُمَّ أَمَرَهُمْ [ موسى لبني إسرائيل ] بِالسَّيْرِ إِلَى أَرِيحَاء ، وَهِيَ أَرْض بَيْت الْمَقْدِس ، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ ، بَعَثَ مُوسَى اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا مِنْ جَمِيع أَسْبَاط بَنِي إِسْرَائِيل ، فَسَارُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْجَبَّارِينَ ، فَلَقِيَهُمْ رَجُل مِنْ الْجَبَّارِينَ ، يُقَال لَهُ : عُوج ، فَأَخَذَ الِاثْنَيْ عَشَر فَجَعَلَهُمْ فِي حُجْزَته ، وَعَلَى رَأْسه حُزْمَة حَطَب ، وَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى اِمْرَأَته ، فَقَالَ : اُنْظُرِي لِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُقَاتِلُونَا ! فَطَرَحَهُمْ بَيْن يَدَيْهَا ، فَقَالَ : أَلَا أَطْحَنهُمْ بِرِجْلِي ؟ فَقَالَتْ اِمْرَأَته : لَا ، بَلْ خَلِّ عَنْهُمْ حَتَّى يُخْبِرُوا قَوْمهمْ بِمَا رَأَوْا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ".
القصة ذاتها تقريباً ينقلها إلينا ابن كثير، مع إغراق أكثر في الميثولوجيا: " عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أُمِرَ مُوسَى أَنْ يَدْخُل مَدِينَة الْجَبَّارِينَ قَالَ : فَسَارَ مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَة وَهِيَ أَرِيحَاء فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ اِثْنَا عَشَرَ عَيْنًا مِنْ كُلّ سِبْط مِنْهُمْ عَيْن لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْم … فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ هَيْئَتهمْ وَجِسْمهمْ وَعِظَمهمْ، فَدَخَلُوا حَائِطًا لِبَعْضِهِمْ، فَجَاءَ صَاحِب الْحَائِط لِيَجْتَنِيَ الثِّمَار مِنْ حَائِطه، فَجَعَلَ يَجْتَنِي الثِّمَار وَيَنْظُر إِلَى آثَارهمْ، فَتَبِعَهُمْ فَكُلَّمَا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ حَتَّى اِلْتَقَطَ الِاثْنَي عَشَرَ كُلَّهُمْ؛ فَجَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ وَذَهَبَ بِهِمْ إِلَى مَلِكِهِمْ فَنَثَرَهُمْ بَيْن يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ الْمَلِك: قَدْ رَأَيْتُمْ شَأْننَا وَأَمْرَنَا فَاذْهَبُوا فَأَخْبِرُوا صَاحِبَكُمْ! … فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا مِنْ أَمْرهمْ … [ وينقل ابن كثير نصّاً آخر مشابهاً للسابق ]: وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة : عَنْ اِبْن عَبَّاس لَمَّا نَزَلَ مُوسَى وَقَوْمه بَعَثَ مِنْهُمْ اِثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَهُمْ النُّقَبَاء الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فَبَعَثَهُمْ لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِهِمْ، فَسَارُوا فَلَقِيَهُمْ رَجُل مِنْ الْجَبَّارِينَ فَجَعَلَهُمْ فِي كِسَائِهِ فَحَمَلَهُ حَتَّى أَتَى بِهِمْ الْمَدِينَة وَنَادَى فِي قَوْمه فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ؛ فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ قَوْم مُوسَى بَعَثَنَا نَأْتِيه بِخَبَرِكُمْ فَأَعْطَوْهُمْ حَبَّة مِنْ عِنَب تَكْفِي الرَّجُل؛ فَقَالُوا لَهُمْ: اِذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَوْمه فَقُولُوا لَهُمْ: هَذَا قَدْرُ فَاكِهَتِهِمْ! فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا فَلَمَّا أَمَرَهُمْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ وَقِتَالهمْ قَالُوا : يَا مُوسَى اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ ".
القرطبي في تفسيره المتماثل في جزء منه مع تفسير الطبري، لا يخرج عن إطار الميثولوجيا الذي يضعنا فيه غيره: " عَنْ الرَّبِيع ، قَالَ : إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِقَوْمِهِ : إِنِّي سَأَبْعَثُ رِجَالًا يَأْتُونَنِي بِخَبَرِهِمْ ! وَإِنَّهُ أَخَذَ مِنْ كُلّ سِبْط رَجُلًا ، فَكَانُوا اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا ، فَقَالَ : سِيرُوا إِلَيْهِمْ وَحَدِّثُونِي حَدِيثهمْ وَمَا أَمْرهمْ ! وَلَا تَخَافُوا إِنَّ اللَّه مَعَكُمْ مَا أَقَمْتُمْ الصَّلَاة ، وَآتَيْتُمْ الزَّكَاة ، وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِهِ ، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ، وَأَقْرَضْتُمْ اللَّه قَرْضًا حَسَنًا . ثُمَّ إِنَّ الْقَوْم سَارُوا حَتَّى هَجَمُوا عَلَيْهِمْ ، فَرَأَوْا أَقْوَامًا لَهُمْ أَجْسَامًا عَجَب ، عِظَمًا وَقُوَّة ، وَأَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ أَبْصَرَهُمْ أَحَد الْجَبَّارِينَ ، وَهُمْ لَا يَأْلُونَ أَنْ يُخْفُوا أَنْفُسهمْ حِين رَأَوْا الْعَجَب ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الْجَبَّار مِنْهُمْ رِجَالًا ، فَأَتَى رَئِيسهمْ ، فَأَلْقَاهُمْ قُدَّامه ، فَعَجِبُوا وَضَحِكُوا مِنْهُمْ ، فَقَالَ قَائِل مِنْهُمْ : إِنَّ هَؤُلَاءِ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَرَادُوا غَزْوكُمْ ، وَأَنَّهُ لَوْلَا مَا دَفَعَ اللَّه عَنْهُمْ لَقُتِلُوا . وَإِنَّهُمْ رَجَعُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَحَدَّثُوهُ الْعَجَب ".
وفي رواية أخرى، يقول القرطبي مفسّراً: " عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : " اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا " مِنْ كُلّ سِبْط مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل رَجُل أَرْسَلَهُمْ مُوسَى إِلَى الْجَبَّارِينَ ، فَوَجَدُوهُمْ يَدْخُل فِي كُمّ أَحَدهمْ اِثْنَانِ مِنْهُمْ ، يُلْقُونَهُمْ إِلْقَاء ، وَلَا يَحْمِل عُنْقُود عِنَبهمْ إِلَّا خَمْسَة أَنْفُس بَيْنهمْ فِي خَشَبَة ، وَيَدْخُل فِي شَطْر الرُّمَّانَة إِذَا نُزِعَ حَبّهَا خَمْسَة نَفْس أَوْ أَرْبَعَة ". لكنه في النهاية يقدّم تفسيراً أقرب إلى المنطق لمصطلح جبارين حين يقول: " عَنْ الضَّحَّاك : " إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ "؛ قَالَ : سَفَلَة لَا خَلَاق لَهُمْ ".
من ناحية أخرى، يضيف الطبري – والقرطبي – تفصيلاً آخر حول تردد بني إسرائيل في دخول أرض الجبّارين، حين يقول: " وَوَسْوَسُوا عَلَى مُوسَى وَهَارُون ، فَقَالُوا لَهُمَا : يَا لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْض مِصْر ، وَلَيْتَنَا نَمُوت فِي هَذِهِ الْبَرِيَّة وَلَمْ يُدْخِلنَا اللَّه هَذِهِ الْأَرْض لِنَقَع فِي الْحَرْب ، فَتَكُون نِسَاؤُنَا وَأَبْنَاؤُنَا وَأَثْقَالنَا غَنِيمَة ، وَلَوْ كُنَّا قُعُودًا فِي أَرْض مِصْر ، كَانَ خَيْرًا لَنَا وَجَعَلَ الرَّجُل يَقُول لِأَصْحَابِهِ : تَعَالَوْا نَجْعَل عَلَيْنَا رَأْسًا وَنَنْصَرِف إِلَى مِصْر ".
النص الأخير الذي سنقف عنده في بحثنا هذا، هو الآية 23: " قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ".
في تفاسير هذه الآية نجد أمرين في غاية الأهمية: الأول هو أن التفاسير الإسلامية أخذت من الإرث الميثولوجي اليهودي بلا حدود؛ والثاني هو تبنيها للرأي اليهودي بأن الكنعانيين، سكان البلاد الأصليين، كانوا أعداء لله وأنبيائه، وأن الأرض، بحكم إلهي مبرم، لم تكن لهم، بل لبني إسرائيل. يقول الطبري في تفسيره للآية: " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : " قَالَ رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا "، وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره عَنْ الرَّجُلَيْنِ الصَّالِحَيْنِ مِنْ قَوْم مُوسَى : يُوشَع بْن نُون ، وَكَالِب بْن يوفنا ، أَنَّهُمَا وَفَّيَا لِمُوسَى بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِمَا مِنْ تَرْك إِعْلَام قَوْمه بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة عَلَى الْجَبَابِرَة مِنْ الْكَنْعَانِيِّينَ ، بِمَا رَأَيَا وَعَايَنَا مِنْ شِدَّة بَطْش الْجَبَابِرَة وَعِظَم خَلْقهمْ ، وَوَصَفَهُمَا اللَّه بِأَنَّهُمَا مِمَّنْ يَخَاف اللَّه وَيُرَاقِبهُ فِي أَمْره وَنَهْيه ".
ويقول القرطبي في الإطار ذاته: " فَرَجَعَ النُّقَبَاء كُلّهمْ يَنْهَى سِبْطه عَنْ قِتَالهمْ ، إِلَّا يُوشَع بْن نُون ، وَكَالِب بْن يوفنا ، يَأْمُرَانِ الْأَسْبَاط بِقِتَالِ الْجَبَّارِينَ وَمُجَاهَدَتهمْ ، فَعَصَوْهُمَا ، وَأَطَاعُوا الْآخَرِينَ ، فَهُمَا الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا عِكْرِمَة ، عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قِصَّة ذَكَرَهَا ، قَالَ : فَرَجَعُوا - يَعْنِي النُّقَبَاء الِاثْنَيْ عَشَر - إِلَى مُوسَى ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا مِنْ أَمْرهمْ "؛ وفي رواية أخرى يذكر القرطبي: " فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى : اُكْتُمُوا شَأْنهمْ وَلَا تُخْبِرُوا بِهِ أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعَسْكَرَة ! فَإِنَّكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُمُوهُمْ بِهَذَا الْخَبَر فَشِلُوا وَلَمْ يَدْخُلُوا الْمَدِينَة . قَالَ : فَذَهَبَ كُلّ رَجُل مِنْهُمْ ، فَأَخْبَرَ قَرِيبه وَابْن عَمّه ، إِلَّا هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يُوشَع بْن نُون وَكِلَاب بْن يوفنا ، فَإِنَّهُمَا كَتَمَا وَلَمْ يُخْبِرَا بِهِ أَحَدًا "؛ وفي نص: " لَمَّا نَزَلَ بِهَا مُوسَى وَقَوْمه ، بَعَثَ مِنْهُمْ اِثْنَيْ عَشَر رَجُلًا ، وَهُمْ النُّقَبَاء الَّذِينَ ذَكَرَ نَعْتهمْ لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِهِمْ . فَسَارُوا ، فَلَقِيَهُمْ رَجُل مِنْ الْجَبَّارِينَ ، فَجَعَلَهُمْ فِي كِسَائِهِ ، فَحَمَلَهُمْ حَتَّى أَتَى بِهِمْ الْمَدِينَة ، وَنَادَى فِي قَوْمه ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا : نَحْنُ قَوْم مُوسَى ، بَعَثَنَا إِلَيْكُمْ لِنَأْتِيَهُ بِخَبَرِكُمْ ، فَأَعْطَوْهُمْ حَبَّة مِنْ عِنَب بِوِقْرِ الرَّجُل ، فَقَالُوا لَهُمْ : اِذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَوْمه ، فَقُولُوا لَهُمْ : اُقْدُرُوا قَدْر فَاكِهَتهمْ ! فَلَمَّا أَتَوْهُمْ ، قَالُوا لِمُوسَى : " اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ "، " قَالَ رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا "، وَكَانَا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة أَسْلَمَا وَاتَّبَعَا مُوسَى وَهَارُون ، فَقَالَا لِمُوسَى : " اُدْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّه فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " . فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة وَهَذَا التَّأْوِيل لَمْ يَكْتُم مِنْ الِاثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا أَحَدًا مَا أَمَرَهُمْ مُوسَى بِكِتْمَانِهِ بَنِي إِسْرَائِيل مِمَّا رَأَوْا وَعَايَنُوا مِنْ عِظَم أَجْسَام الْجَبَابِرَة وَشِدَّة بَطْشهمْ وَعَجِيب أُمُورهمْ ، بَلْ أَفْشَوْا ذَلِكَ كُلّه . وَإِنَّمَا الْقَائِل لِلْقَوْمِ وَلِمُوسَى : اُدْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب ، رَجُلَانِ مِنْ أَوْلَاد الَّذِينَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل يَخَافُونَهُمْ وَيَرْهَبُونَ الدُّخُول عَلَيْهِمْ مِنْ الْجَبَابِرَة ، كَانَ أَسْلَمَا وَتَبِعَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " – مع ضرورة ملاحظة أن تعبير أسلم مستخدم هنا حتى في عهد موسى؟؟!!
أخيراً، يخبرنا القرطبي أن بني إسرائيل في ترددهم أرادوا العودة إلى مصر: " لَمَّا هَمَّ بَنُو إِسْرَائِيل بِالِانْصِرَافِ إِلَى مِصْر حِين أَخْبَرَهُمْ النُّقَبَاء بِمَا أَخْبَرُوهُمْ مِنْ أَمْر الْجَبَابِرَة ، خَرَّ مُوسَى وَهَارُون عَلَى وُجُوههمَا سُجُودًا قُدَّام جَمَاعَة بَنِي إِسْرَائِيل ، وَخَرَقَ يُوشَع بْن نُون وَكَالِب بْن يوفنا ثِيَابهمَا ، وَكَانَا مِنْ جَوَاسِيس الْأَرْض ، وَقَالَا لِجَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل : إِنَّ الْأَرْض مَرَرْنَا بِهَا وَجَسَسْنَاهَا صَالِحَة رَضِيَهَا رَبّنَا لَنَا فَوَهَبَهَا لَنَا ، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُفِيض لَبَنًا وَعَسَلًا ، وَلَكِنْ اِفْعَلُوا وَاحِدَة ، لَا تَعْصُوا اللَّه ، وَلَا تَخْشَوْا الشَّعْب الَّذِينَ بِهَا ، فَإِنَّهُمْ جُبَنَاء ، مَدْفُوعُونَ فِي أَيْدِينَا ، إِنْ حَارَبْنَاهُمْ ذَهَبَتْ مِنْهُمْ ، وَإِنَّ اللَّه مَعَنَا فَلَا تَخْشَوْهُمْ . فَأَرَادَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَنْ يَرْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ "
إنتهى المقال
من النصوص القرآنية الاُخرى التي تزعم أن الإله قد أورث بني إسرائيل الأرض وأنه يريد ذلك وأنه آتاهم الحُكم والإمامة
وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارقَ الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحُسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (الأعراف 137)
ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين (5) ونمكن لهم في الأرض (القصص)
فأخرجناهم من جنات وعيون (57) وكنوز ومقام كريم (58) كذلك وأورثناها بني إسرائيل (59) (الشعراء)
ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحُكم والنبوةَ ورزقناهم من الطيباتِ وفضلناهم على العالمين (الجاثية 16)
مواضيع ذات علاقة
الأديان الإبراهيمية تطمس التأريخ الفلسطيني
فيديوات: الكتاب المقدس بدون حجاب
لماذا لا يوفر السادة المسلمون نعت "الصهيوني" لنبيهم بدلا من اللادينيين الذين لا يؤمنون بأساطير الكتاب المقدس والقرآن؟
كيف يدعي الإسلاميون أنهم على حق في الصراع على أرض يزعم كتابهم المقدس "الصالح لكل زمان" أنها لبني إسرائيل؟
أترككم مع المقال التالي ليوضح من المصادر الإسلامية دعم القرآن للمزاعم اليهودية بأحقية بني إسرائيل في فلسطين .. أثير العراقي
فلسطين لبني إسرائيل – يقول القرآن
الكاتب: نبيل فياض. المصدر: موقع الأوان
من الصعوبة بمكان أن تكتب موضوعيّاً في زمن غير موضوعي. فما بالك أن تكتب بوحي العقل في عالم لا يعرف غير حكم الغرائز؟ لا شكّ أن الكتابة بموضوعية في المسألة اليهودية قضيّة محفوفة بالمخاطر. وسيف التخوين على من يفكّر بحيادية مسلط دائماً؛ تماماً كما هو سيف التكفير. لكن الحقيقة أهم بما لا يقارن من أية سيوف، شهرت أم لم تشهر. والتعامل الموضوعي مع المسألة اليهودية صار أمراً واجباً أخلاقيّاً، خاصة بعد أن نبش مؤرخو ما بعد الصهيونية كل ما في تاريخهم الفعلي من سواد.
نحن هنا أيضاً نحاول القول إن الركون إلى الوثائق الميثولوجية، في ظل غياب الوثائق التاريخية، خطأ معرفي قاتل. والكتب المقدّسة، عموماً، ليست غير وثائق ميثولوجية لا علاقة لها بالحقيقة، لا من قريب ولا من بعيد. الفلسطينيون حقيقة تاريخية؛ أما موسى فليس غير حكاية ميثولوجية. ورغم أن بعض الباحثين اليهود، في ظل تعارض الوثائق التاريخية مع وثائق التوراة وبالتالي وثائق القرآن، حاول أن يجد مبرراً لتناقضات حكاية موسى عبر القول إن تلك الحكاية " أسطرة تاريخ لا تاريخ أسطورة ": لكن هذا برأينا ليس غير أحد أنواع التعليل الذاتي المزيّف المطمئن؛ وأكثر أنواع الكذب شيوعاً هو ذلك الذي نمارسه مع أنفسنا.
الحقيقة التي لا لبس فيها أن اليهود أقوى من العرب بما لا يقارن إن كانت القضية تتعلق بالأساطير؛ أما إن تعلّق الأمر بالحقائق التاريخية، فلا مجال للمقارنة بين الطرفين – مؤرخو اليهود الموضوعيون أنفسهم يعرفون قبل غيرهم أن وقائعهم هي الأبعد عن الحقيقة.
القرآن وبني إسرائيل: النص الأهم!
في القرآن، سورة المائدة ( 5 )، وهي مدنية ومن أواخر السور بالترتيب الكرنولوجي لكتاب المسلمين المقدّس، نص هام للغاية، بؤرته الحديث عن العلاقة بين بني إسرائيل وفلسطين ومحيطها. وهنا سنحاول الوقوف عند آيات النص، آية آية، ومن ثم نقتطف نصوصاً من أهم التفاسير عند أهل السنة والجماعة، القرطبي وابن كثير والطبري.
الآية 20: " وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ".
في تفسير القرطبي والطبري لمفهوم نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ؛ يقال" لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَان أَحَد سِوَاهُمْ يَخْدُمهُ أَحَد مِنْ بَنِي آدَم ". لكن الطبري يقرّ بالاختلاف " فِيمَنْ عُنُوا بِهَذَا الْخِطَاب "، أي، وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فنقل عن بعضهم، " عَنَى بِهِ أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِهِ قَوْم مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". ثم ذكر اختلافاً آخر في مسألة وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، فنقل عن بعضهم، إن ما أتاهم " هُوَ الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَالْحَجَر وَالْغَمَام ". وينكر بشدّة أن يكون هذا الكلام موجهاً لغير بني إسرائيل، أي للمسلمين؛ يقول النص: " قَوْل مَنْ قَالَ : وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ ، خِطَاب لِبَنِي إِسْرَائِيل ، حَيْثُ جَاءَ فِي سِيَاق قَوْله : " اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ " وَمَعْطُوفًا عَلَيْهِ . وَلَا دَلَالَة فِي الْكَلَام تَدُلّ عَلَى أَنَّ قَوْله : " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " مَصْرُوف عَنْ خِطَاب الَّذِينَ اُبْتُدِئَ بِخِطَابِهِمْ فِي أَوَّل الْآيَة . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَأَنْ يَكُون خِطَابًا لَهُمْ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَال : هُوَ مَصْرُوف عَنْهُمْ إِلَى غَيْرهمْ . فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ قَوْله : " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " لَا يَجُوز أَنْ يَكُون خِطَابًا لِبَنِي إِسْرَائِيل ، إِذْ كَانَتْ أُمَّة مُحَمَّد قَدْ أُوتِيَتْ مِنْ كَرَامَة اللَّه نَبِيّهَا عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مُحَمَّدًا ، مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا غَيْرهمْ ، وَهُمْ مِنْ الْعَالَمِينَ ; فَقَدْ ظَنَّ غَيْر الصَّوَاب ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْله : " وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ " خِطَاب مِنْ مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ يَوْمئِذٍ ، وَعَنَى بِذَلِكَ عَالِمِي زَمَانه لَا عَالِمِي كُلّ زَمَان ، وَلَمْ يَكُنْ أُوتِيَ فِي ذَلِكَ الزَّمَان مِنْ نِعَم اللَّه وَكَرَامَته مَا أُوتِيَ قَوْمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَد مِنْ الْعَالَمِينَ ، فَخَرَجَ الْكَلَام مِنْهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى جَمِيع كُلّ زَمَان ". ( أنظر أيضاً تفسير القرطبي ).
يقول ابن كثير في تفسير ، " إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًاً "،" أَنَّ مُوسَى ذَكَّرَ قَوْمه مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِأَيَّامِ اللَّه عِنْدهمْ وَبِآلَائِهِ قِبَلهمْ ، فَحَرَّضَهُمْ بِذَلِكَ عَلَى اِتِّبَاع أَمْر اللَّه فِي قِتَال الْجَبَّارِينَ ، فَقَالَ لَهُمْ : اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ أَنْ فَضَّلَكُمْ بِأَنْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء يَأْتُونَكُمْ بِوَحْيِهِ وَيُخْبِرُونَكُمْ بِآيَاتِهِ الْغَيْب ، وَلَمْ يُعْطِ ذَلِكَ غَيْركُمْ فِي زَمَانكُمْ هَذَا ". ثم يضيف ملاحظة أخرى حول بني إسرائيل: " هُمْ كَانُوا أَشْرَفَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ مِنْ الْيُونَانِ وَالْقِبْطِ وَسَائِرِ أَصْنَافِ بَنِي آدَمَ ".
وفي تفسيره لنص " وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيل الْكِتَاب وَالْحُكْم وَالنُّبُوَّة وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ "، يقول ابن كثير: " كَانُوا أَفْضَلَ زَمَانهمْ ".
الآية 21: " يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ".
في الآية السابقة لدينا ثلاثة مصطلحات هامة للغاية في سياق فكرة البحث: قَوْمِ و الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ و كَتَبَ.
بالنسبة للمصطلح الأول، قَوْمِ، نقرأ عند الطبري في تفسيره للكلمة: " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره عَنْ قَوْل مُوسَى صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْمِهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل ، وَأَمْره إِيَّاهُمْ عَنْ أَمْر اللَّه إِيَّاهُ ، يَأْمُرهُمْ بِدُخُولِ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة ". ويؤكد ابن كثير في تفسيره النص ذاته: " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَحْرِيض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى الْجِهَاد وَالدُّخُول إِلَى بَيْت الْمَقْدِس ".
المصطلح الثاني، الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ، كان محط خلاف العلماء؛ يقول الطبري في ذلك: " . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَرْض الَّتِي عَنَاهَا بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَة ، فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ : الطُّور وَمَا حَوْله . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ … عَنْ مُجَاهِد ، عَنْ اِبْن عَبَّاس : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "؛ قَالَ : الطُّور وَمَا حَوْله . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ الشَّام . .. عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله : " الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " قَالَ : هِيَ الشَّام . وَقَالَ آخَرُونَ : هِيَ أَرْض أَرِيحَاء . .. قَالَ اِبْن زَيْد فِي قَوْله : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " قَالَ : أَرِيحَاء . … عَنْ السُّدِّيّ ، قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء . .. عَنْ اِبْن عَبَّاس ، قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء . وَقِيلَ : إِنَّ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة : دِمَشْق وَفِلَسْطِين وَبَعْض الْأُرْدُن .
… غَيْر أَنَّهَا لَنْ تَخْرُج مِنْ أَنْ تَكُون مِنْ الْأَرْض الَّتِي بَيْن الْفُرَات وَعَرِيش مِصْر لِإِجْمَاعِ جَمِيع أَهْل التَّأْوِيل وَالسِّيَر وَالْعُلَمَاء بِالْأَخْبَارِ عَلَى ذَلِكَ ".
في تفسير ابن كثير للآية بعض مما قاله الطبري، دون إهمال للخلل الجغرافي في نصه؛ يقول المفسّر والتاريخي الشهير: " َقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة " أَيْ الْمُطَهَّرَة؛ وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ : عَنْ الْأَعْمَش عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "؛ قَالَ: هِيَ الطُّور وَمَا حَوْله؛ وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد. وَرَوَى سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي سَعْد الْبَقَّال عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : هِيَ أَرِيحَاء وَكَذَا ذُكِرَ عَنْ غَيْر وَاحِد مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَفِي هَذَا نَظَر لِأَنَّ أَرِيحَاء لَيْسَتْ هِيَ الْمَقْصُودَة بِالْفَتْحِ وَلَا كَانَتْ فِي طَرِيقهمْ إِلَى بَيْت الْمَقْدِس وَقَدْ قَدِمُوا مِنْ بِلَاد مِصْر حِين أَهْلَكَ اللَّه عَدُوَّهُمْ فِرْعَوْن اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِأَرِيحَاء أَرْض بَيْت الْمَقْدِس كَمَا قَالَهُ السُّدِّيّ فِيمَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْهُ : لَا أَنَّ الْمُرَاد بِهَا هَذِهِ الْبَلْدَة الْمَعْرُوفَة فِي طَرَف الطُّور شَرْقِيّ بَيْت الْمَقْدِس ".
المصطلح الثالث الهام في الآية ذاتها هو كتب. يقول القرطبي مفسّراً المصطلح: " وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ، " الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ "، الَّتِي أَثْبَتَ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَنَّهَا لَكُمْ مَسَاكِن ، وَمَنَازِل دُون الْجَبَابِرَة الَّتِي فِيهَا ". مع ذلك، يطرح الطبري تناقضاً ظاهرياً حين يلاحظ، " فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَكَيْفَ قَالَ : " الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا بِقَوْلِهِ : " فَإِنَّهَا مُحَرَّمَة عَلَيْهِمْ " ؟ فَكَيْفَ يَكُون مُثْبَتًا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَنَّهَا مَسَاكِن لَهُمْ ، وَمُحَرَّمًا عَلَيْهِمْ سُكْنَاهَا ؟ قِيلَ : إِنَّهَا كُتِبَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل دَارًا وَمَسَاكِن ، وَقَدْ سَكَنُوهَا وَنَزَلُوهَا ، وَصَارَتْ لَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ . وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ مُوسَى : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " يَعْنِي بِهَا : كَتَبَهَا اللَّه لِبَنِي إِسْرَائِيل - وَكَانَ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ مُوسَى بِدُخُولِهَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل - وَلَمْ يَعْنِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى ذِكْره كَتَبَهَا لِلَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِهَا بِأَعْيَانِهِمْ ، وَلَوْ قَالَ قَائِل : قَدْ كَانَتْ مَكْتُوبَة لِبَعْضِهِمْ ، وَلِخَاصٍّ مِنْهُمْ ، فَأَخْرَجَ الْكَلَام عَلَى الْعُمُوم وَالْمُرَاد مِنْهُ الْخَاصّ ، إِذْ كَانَ يُوشَع وَكَالِب قَدْ دَخَلَا ، وَكَانَا مِمَّنْ خُوطِبَ بِهَذَا الْقَوْل ، كَانَ أَيْضًا وَجْهًا صَحِيحًا … عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : " الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " الَّتِي وَهَبَ اللَّه لَكُمْ . وَكَانَ السُّدِّيّ يَقُول : مَعْنَى " كَتَبَ " فِي هَذَا الْمَوْضِع بِمَعْنَى " أَمَرَ " … عَمْرو بْن حَمَّاد ، قَالَ : ثنا أَسْبَاط ، عَنْ السُّدِّيّ : " اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " الَّتِي أَمَرَكُمْ اللَّه بِهَا ".
كتب هنا تذكّرنا بآية فرض الصيام: كتب عليكم الصيام؛ والطبري والقرطبي على حد سواء يربطان بين مصطلح كتب ومصطلح أمر: " عَنْ قَتَادَة ، قَوْله : " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ " أُمِرُوا بِهَا كَمَا أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحَجّ وَالْعُمْرَة " ( راجع تفسيريهما للآية ).
من ناحية أخرى، ففي تفسير ابن كثير للآية تذكير بقصة قديمة حول تملك بني إسرائيل لبيت المقدس: " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ تَحْرِيض مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِي إِسْرَائِيل عَلَى الْجِهَاد وَالدُّخُول إِلَى بَيْت الْمَقْدِس الَّذِي كَانَ بِأَيْدِيهِمْ فِي زَمَان أَبِيهِمْ يَعْقُوب، لَمَّا اِرْتَحَلَ هُوَ وَبَنُوهُ وَأَهْله إِلَى بِلَاد مِصْر أَيَّام يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام؛ ثُمَّ لَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى خَرَجُوا زَمَان مُوسَى، فَوَجَدُوا فِيهَا قَوْمًا مِنْ الْعَمَالِقَة الْجَبَّارِينَ قَدْ اِسْتَحْوَذُوا عَلَيْهَا وَتَمَلَّكُوهَا؛ فَأَمَرَهُمْ رَسُول اللَّه - مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام - بِالدُّخُولِ إِلَيْهَا وَبِقِتَالِ أَعْدَائِهِمْ وَبَشَّرَهُمْ بِالنُّصْرَةِ وَالظَّفَر عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا وَعَصَوْا وَخَالَفُوا أَمْرَهُ فَعُوقِبُوا بِالذَّهَابِ فِي التِّيه وَالتَّمَادِي فِي سَيْرهمْ حَائِرِينَ لَا يَدْرُونَ كَيْف يَتَوَجَّهُونَ إِلَى مَقْصِدٍ مُدَّةَ أَرْبَعِينَ سَنَةً عُقُوبَة لَهُمْ عَلَى تَفْرِيطِهِمْ فِي أَمْر اللَّه تَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : " يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة ".
الآية 22: " قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ".
هذه الآية هي مجرّد تكملة تفصيلية لما سبق، لكنها في التفاسير لا تخرج عن إطار الميثولوجيا الكاملة، التي هي من أصل يهودي. يقول الطبري أولاً: " ثُمَّ أَمَرَهُمْ [ موسى لبني إسرائيل ] بِالسَّيْرِ إِلَى أَرِيحَاء ، وَهِيَ أَرْض بَيْت الْمَقْدِس ، فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ ، بَعَثَ مُوسَى اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا مِنْ جَمِيع أَسْبَاط بَنِي إِسْرَائِيل ، فَسَارُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْجَبَّارِينَ ، فَلَقِيَهُمْ رَجُل مِنْ الْجَبَّارِينَ ، يُقَال لَهُ : عُوج ، فَأَخَذَ الِاثْنَيْ عَشَر فَجَعَلَهُمْ فِي حُجْزَته ، وَعَلَى رَأْسه حُزْمَة حَطَب ، وَانْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى اِمْرَأَته ، فَقَالَ : اُنْظُرِي لِي هَؤُلَاءِ الْقَوْم الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُقَاتِلُونَا ! فَطَرَحَهُمْ بَيْن يَدَيْهَا ، فَقَالَ : أَلَا أَطْحَنهُمْ بِرِجْلِي ؟ فَقَالَتْ اِمْرَأَته : لَا ، بَلْ خَلِّ عَنْهُمْ حَتَّى يُخْبِرُوا قَوْمهمْ بِمَا رَأَوْا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ".
القصة ذاتها تقريباً ينقلها إلينا ابن كثير، مع إغراق أكثر في الميثولوجيا: " عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : أُمِرَ مُوسَى أَنْ يَدْخُل مَدِينَة الْجَبَّارِينَ قَالَ : فَسَارَ مُوسَى بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْ الْمَدِينَة وَهِيَ أَرِيحَاء فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ اِثْنَا عَشَرَ عَيْنًا مِنْ كُلّ سِبْط مِنْهُمْ عَيْن لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِ الْقَوْم … فَدَخَلُوا الْمَدِينَة فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا مِنْ هَيْئَتهمْ وَجِسْمهمْ وَعِظَمهمْ، فَدَخَلُوا حَائِطًا لِبَعْضِهِمْ، فَجَاءَ صَاحِب الْحَائِط لِيَجْتَنِيَ الثِّمَار مِنْ حَائِطه، فَجَعَلَ يَجْتَنِي الثِّمَار وَيَنْظُر إِلَى آثَارهمْ، فَتَبِعَهُمْ فَكُلَّمَا أَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَخَذَهُ فَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ حَتَّى اِلْتَقَطَ الِاثْنَي عَشَرَ كُلَّهُمْ؛ فَجَعَلَهُمْ فِي كُمِّهِ مَعَ الْفَاكِهَةِ وَذَهَبَ بِهِمْ إِلَى مَلِكِهِمْ فَنَثَرَهُمْ بَيْن يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ الْمَلِك: قَدْ رَأَيْتُمْ شَأْننَا وَأَمْرَنَا فَاذْهَبُوا فَأَخْبِرُوا صَاحِبَكُمْ! … فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا مِنْ أَمْرهمْ … [ وينقل ابن كثير نصّاً آخر مشابهاً للسابق ]: وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة : عَنْ اِبْن عَبَّاس لَمَّا نَزَلَ مُوسَى وَقَوْمه بَعَثَ مِنْهُمْ اِثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَهُمْ النُّقَبَاء الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّه فَبَعَثَهُمْ لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِهِمْ، فَسَارُوا فَلَقِيَهُمْ رَجُل مِنْ الْجَبَّارِينَ فَجَعَلَهُمْ فِي كِسَائِهِ فَحَمَلَهُ حَتَّى أَتَى بِهِمْ الْمَدِينَة وَنَادَى فِي قَوْمه فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ؛ فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ قَوْم مُوسَى بَعَثَنَا نَأْتِيه بِخَبَرِكُمْ فَأَعْطَوْهُمْ حَبَّة مِنْ عِنَب تَكْفِي الرَّجُل؛ فَقَالُوا لَهُمْ: اِذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَوْمه فَقُولُوا لَهُمْ: هَذَا قَدْرُ فَاكِهَتِهِمْ! فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرُوهُ بِمَا رَأَوْا فَلَمَّا أَمَرَهُمْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - بِالدُّخُولِ عَلَيْهِمْ وَقِتَالهمْ قَالُوا : يَا مُوسَى اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ ".
القرطبي في تفسيره المتماثل في جزء منه مع تفسير الطبري، لا يخرج عن إطار الميثولوجيا الذي يضعنا فيه غيره: " عَنْ الرَّبِيع ، قَالَ : إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ لِقَوْمِهِ : إِنِّي سَأَبْعَثُ رِجَالًا يَأْتُونَنِي بِخَبَرِهِمْ ! وَإِنَّهُ أَخَذَ مِنْ كُلّ سِبْط رَجُلًا ، فَكَانُوا اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا ، فَقَالَ : سِيرُوا إِلَيْهِمْ وَحَدِّثُونِي حَدِيثهمْ وَمَا أَمْرهمْ ! وَلَا تَخَافُوا إِنَّ اللَّه مَعَكُمْ مَا أَقَمْتُمْ الصَّلَاة ، وَآتَيْتُمْ الزَّكَاة ، وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِهِ ، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ، وَأَقْرَضْتُمْ اللَّه قَرْضًا حَسَنًا . ثُمَّ إِنَّ الْقَوْم سَارُوا حَتَّى هَجَمُوا عَلَيْهِمْ ، فَرَأَوْا أَقْوَامًا لَهُمْ أَجْسَامًا عَجَب ، عِظَمًا وَقُوَّة ، وَأَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ أَبْصَرَهُمْ أَحَد الْجَبَّارِينَ ، وَهُمْ لَا يَأْلُونَ أَنْ يُخْفُوا أَنْفُسهمْ حِين رَأَوْا الْعَجَب ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الْجَبَّار مِنْهُمْ رِجَالًا ، فَأَتَى رَئِيسهمْ ، فَأَلْقَاهُمْ قُدَّامه ، فَعَجِبُوا وَضَحِكُوا مِنْهُمْ ، فَقَالَ قَائِل مِنْهُمْ : إِنَّ هَؤُلَاءِ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَرَادُوا غَزْوكُمْ ، وَأَنَّهُ لَوْلَا مَا دَفَعَ اللَّه عَنْهُمْ لَقُتِلُوا . وَإِنَّهُمْ رَجَعُوا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَحَدَّثُوهُ الْعَجَب ".
وفي رواية أخرى، يقول القرطبي مفسّراً: " عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : " اِثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا " مِنْ كُلّ سِبْط مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل رَجُل أَرْسَلَهُمْ مُوسَى إِلَى الْجَبَّارِينَ ، فَوَجَدُوهُمْ يَدْخُل فِي كُمّ أَحَدهمْ اِثْنَانِ مِنْهُمْ ، يُلْقُونَهُمْ إِلْقَاء ، وَلَا يَحْمِل عُنْقُود عِنَبهمْ إِلَّا خَمْسَة أَنْفُس بَيْنهمْ فِي خَشَبَة ، وَيَدْخُل فِي شَطْر الرُّمَّانَة إِذَا نُزِعَ حَبّهَا خَمْسَة نَفْس أَوْ أَرْبَعَة ". لكنه في النهاية يقدّم تفسيراً أقرب إلى المنطق لمصطلح جبارين حين يقول: " عَنْ الضَّحَّاك : " إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ "؛ قَالَ : سَفَلَة لَا خَلَاق لَهُمْ ".
من ناحية أخرى، يضيف الطبري – والقرطبي – تفصيلاً آخر حول تردد بني إسرائيل في دخول أرض الجبّارين، حين يقول: " وَوَسْوَسُوا عَلَى مُوسَى وَهَارُون ، فَقَالُوا لَهُمَا : يَا لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْض مِصْر ، وَلَيْتَنَا نَمُوت فِي هَذِهِ الْبَرِيَّة وَلَمْ يُدْخِلنَا اللَّه هَذِهِ الْأَرْض لِنَقَع فِي الْحَرْب ، فَتَكُون نِسَاؤُنَا وَأَبْنَاؤُنَا وَأَثْقَالنَا غَنِيمَة ، وَلَوْ كُنَّا قُعُودًا فِي أَرْض مِصْر ، كَانَ خَيْرًا لَنَا وَجَعَلَ الرَّجُل يَقُول لِأَصْحَابِهِ : تَعَالَوْا نَجْعَل عَلَيْنَا رَأْسًا وَنَنْصَرِف إِلَى مِصْر ".
النص الأخير الذي سنقف عنده في بحثنا هذا، هو الآية 23: " قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ".
في تفاسير هذه الآية نجد أمرين في غاية الأهمية: الأول هو أن التفاسير الإسلامية أخذت من الإرث الميثولوجي اليهودي بلا حدود؛ والثاني هو تبنيها للرأي اليهودي بأن الكنعانيين، سكان البلاد الأصليين، كانوا أعداء لله وأنبيائه، وأن الأرض، بحكم إلهي مبرم، لم تكن لهم، بل لبني إسرائيل. يقول الطبري في تفسيره للآية: " الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : " قَالَ رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا "، وَهَذَا خَبَر مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره عَنْ الرَّجُلَيْنِ الصَّالِحَيْنِ مِنْ قَوْم مُوسَى : يُوشَع بْن نُون ، وَكَالِب بْن يوفنا ، أَنَّهُمَا وَفَّيَا لِمُوسَى بِمَا عَهِدَ إِلَيْهِمَا مِنْ تَرْك إِعْلَام قَوْمه بَنِي إِسْرَائِيل الَّذِينَ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة عَلَى الْجَبَابِرَة مِنْ الْكَنْعَانِيِّينَ ، بِمَا رَأَيَا وَعَايَنَا مِنْ شِدَّة بَطْش الْجَبَابِرَة وَعِظَم خَلْقهمْ ، وَوَصَفَهُمَا اللَّه بِأَنَّهُمَا مِمَّنْ يَخَاف اللَّه وَيُرَاقِبهُ فِي أَمْره وَنَهْيه ".
ويقول القرطبي في الإطار ذاته: " فَرَجَعَ النُّقَبَاء كُلّهمْ يَنْهَى سِبْطه عَنْ قِتَالهمْ ، إِلَّا يُوشَع بْن نُون ، وَكَالِب بْن يوفنا ، يَأْمُرَانِ الْأَسْبَاط بِقِتَالِ الْجَبَّارِينَ وَمُجَاهَدَتهمْ ، فَعَصَوْهُمَا ، وَأَطَاعُوا الْآخَرِينَ ، فَهُمَا الرَّجُلَانِ اللَّذَانِ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا عِكْرِمَة ، عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قِصَّة ذَكَرَهَا ، قَالَ : فَرَجَعُوا - يَعْنِي النُّقَبَاء الِاثْنَيْ عَشَر - إِلَى مُوسَى ، فَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا مِنْ أَمْرهمْ "؛ وفي رواية أخرى يذكر القرطبي: " فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى : اُكْتُمُوا شَأْنهمْ وَلَا تُخْبِرُوا بِهِ أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعَسْكَرَة ! فَإِنَّكُمْ إِنْ أَخْبَرْتُمُوهُمْ بِهَذَا الْخَبَر فَشِلُوا وَلَمْ يَدْخُلُوا الْمَدِينَة . قَالَ : فَذَهَبَ كُلّ رَجُل مِنْهُمْ ، فَأَخْبَرَ قَرِيبه وَابْن عَمّه ، إِلَّا هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يُوشَع بْن نُون وَكِلَاب بْن يوفنا ، فَإِنَّهُمَا كَتَمَا وَلَمْ يُخْبِرَا بِهِ أَحَدًا "؛ وفي نص: " لَمَّا نَزَلَ بِهَا مُوسَى وَقَوْمه ، بَعَثَ مِنْهُمْ اِثْنَيْ عَشَر رَجُلًا ، وَهُمْ النُّقَبَاء الَّذِينَ ذَكَرَ نَعْتهمْ لِيَأْتُوهُ بِخَبَرِهِمْ . فَسَارُوا ، فَلَقِيَهُمْ رَجُل مِنْ الْجَبَّارِينَ ، فَجَعَلَهُمْ فِي كِسَائِهِ ، فَحَمَلَهُمْ حَتَّى أَتَى بِهِمْ الْمَدِينَة ، وَنَادَى فِي قَوْمه ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتُمْ ؟ فَقَالُوا : نَحْنُ قَوْم مُوسَى ، بَعَثَنَا إِلَيْكُمْ لِنَأْتِيَهُ بِخَبَرِكُمْ ، فَأَعْطَوْهُمْ حَبَّة مِنْ عِنَب بِوِقْرِ الرَّجُل ، فَقَالُوا لَهُمْ : اِذْهَبُوا إِلَى مُوسَى وَقَوْمه ، فَقُولُوا لَهُمْ : اُقْدُرُوا قَدْر فَاكِهَتهمْ ! فَلَمَّا أَتَوْهُمْ ، قَالُوا لِمُوسَى : " اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبّك فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ "، " قَالَ رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا "، وَكَانَا مِنْ أَهْل الْمَدِينَة أَسْلَمَا وَاتَّبَعَا مُوسَى وَهَارُون ، فَقَالَا لِمُوسَى : " اُدْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّه فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " . فَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَة وَهَذَا التَّأْوِيل لَمْ يَكْتُم مِنْ الِاثْنَيْ عَشَر نَقِيبًا أَحَدًا مَا أَمَرَهُمْ مُوسَى بِكِتْمَانِهِ بَنِي إِسْرَائِيل مِمَّا رَأَوْا وَعَايَنُوا مِنْ عِظَم أَجْسَام الْجَبَابِرَة وَشِدَّة بَطْشهمْ وَعَجِيب أُمُورهمْ ، بَلْ أَفْشَوْا ذَلِكَ كُلّه . وَإِنَّمَا الْقَائِل لِلْقَوْمِ وَلِمُوسَى : اُدْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب ، رَجُلَانِ مِنْ أَوْلَاد الَّذِينَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل يَخَافُونَهُمْ وَيَرْهَبُونَ الدُّخُول عَلَيْهِمْ مِنْ الْجَبَابِرَة ، كَانَ أَسْلَمَا وَتَبِعَا نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " – مع ضرورة ملاحظة أن تعبير أسلم مستخدم هنا حتى في عهد موسى؟؟!!
أخيراً، يخبرنا القرطبي أن بني إسرائيل في ترددهم أرادوا العودة إلى مصر: " لَمَّا هَمَّ بَنُو إِسْرَائِيل بِالِانْصِرَافِ إِلَى مِصْر حِين أَخْبَرَهُمْ النُّقَبَاء بِمَا أَخْبَرُوهُمْ مِنْ أَمْر الْجَبَابِرَة ، خَرَّ مُوسَى وَهَارُون عَلَى وُجُوههمَا سُجُودًا قُدَّام جَمَاعَة بَنِي إِسْرَائِيل ، وَخَرَقَ يُوشَع بْن نُون وَكَالِب بْن يوفنا ثِيَابهمَا ، وَكَانَا مِنْ جَوَاسِيس الْأَرْض ، وَقَالَا لِجَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل : إِنَّ الْأَرْض مَرَرْنَا بِهَا وَجَسَسْنَاهَا صَالِحَة رَضِيَهَا رَبّنَا لَنَا فَوَهَبَهَا لَنَا ، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُفِيض لَبَنًا وَعَسَلًا ، وَلَكِنْ اِفْعَلُوا وَاحِدَة ، لَا تَعْصُوا اللَّه ، وَلَا تَخْشَوْا الشَّعْب الَّذِينَ بِهَا ، فَإِنَّهُمْ جُبَنَاء ، مَدْفُوعُونَ فِي أَيْدِينَا ، إِنْ حَارَبْنَاهُمْ ذَهَبَتْ مِنْهُمْ ، وَإِنَّ اللَّه مَعَنَا فَلَا تَخْشَوْهُمْ . فَأَرَادَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل أَنْ يَرْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ "
إنتهى المقال
من النصوص القرآنية الاُخرى التي تزعم أن الإله قد أورث بني إسرائيل الأرض وأنه يريد ذلك وأنه آتاهم الحُكم والإمامة
وأورثنا القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارقَ الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحُسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون (الأعراف 137)
ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمةً ونجعلهم الوارثين (5) ونمكن لهم في الأرض (القصص)
فأخرجناهم من جنات وعيون (57) وكنوز ومقام كريم (58) كذلك وأورثناها بني إسرائيل (59) (الشعراء)
ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحُكم والنبوةَ ورزقناهم من الطيباتِ وفضلناهم على العالمين (الجاثية 16)
مواضيع ذات علاقة
الأديان الإبراهيمية تطمس التأريخ الفلسطيني
فيديوات: الكتاب المقدس بدون حجاب
بحث فاشل جدا
ردحذفو الغريب أن المتأسلمين يمرون على هذه الآيات ليل نهار و لا يرون أن فلسطين لليهود بشهادة الإله الإسلامي .
ردحذفو هذا دليل آخر أن محمد إقتبس من اليهوديةالتي تعتبر أصل الشرور في العالم .
فاليهودية أم المسيحية و جدة الإسلام ، و قد تلقت الطعن من إبنها و حفيدها.
كل الأديان خرافات .
و بالخرافات تقاد الأمم ، لتحقيق أجندات سياسية معينة ، فالله هو الواجهة الأمامية لرأس الدولة ، الإنسان مستعد ليموت من أجل الله، فكرة بسيطة و فعالة.
استيقظوا إنهم يكذبون عليكم .
الجزء الاول
ردحذفان فلسطين ذكرها تعالى انها لبني اسرائيل اذا اطاع بنوا اسرائيل رسولهم موسى-ص- حين امرهم بدخولها حينئذ وهو قوله تعالى - يا قومي ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين - الآية
اي ان الله اعطاهم عطية , فماذا كان امرهم من عطية الله ؟ هو ما يتبع الآية السالفة قوله تعالى - قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وانا لاندخلها حتى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فانا داخلون - الآية
اي انهم رفضوا اخذ عطية الله وهي الدخول الى الارض المقدسة فلسطين بحجة عندهم وهي من حقهم لأنهم كانوا جبناء , وهاذه حجة مقبولة ليس الا شكلا بل مظمونا , لأن بحسبهم ان عطية الله غير متمكن منها لوجود من يصرفهم عنها بسبب ضعفهم وهي المهانة التي ورثوها بعيشهم تحت وطأة المصريين لقرون من الزمن . ولذلك يسر الله لهم العطية بتذليل الحصول عليها تنبيها من رجلين كانا يسمع لهما من طرف كل قبائل بنوا اسرايل الاثنى عشر وذلك بقوله تعالى - قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فانكم غالبو وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين - الآية
اي هو رشاد وشهادة على التمكن من اخذ عطية الله من رجلين يخافون كما يخاف اغلب بنوا اسرائيل لكنهما كانا واثقين من الحصول على عطية الله بمجرد دخولهم الى الارض المقدسة , ورغم ثقة بنوا اسرائيل بالرجلين لأنهما كانا احكم حكمائهم وهي ما انعمه تعالى به الرجلين أي ان آتاهما الحكمة, وكانا اكثرهم خبرة فانهم رفضوا الانصياع وذلك بقولهم في قوله تعالى - قالوا يا موسى لن ندخلها ابدا ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا هاهنا قاعدون - الآية
اي رفضوا العطية والمذللة من رب العالمين بشهادة عدلين من العدول من قومهم وهي شهادة محكمة باليقين وكفى انهما كانا حكيمين يسمع لهما ويطاعا , ورغم انهما كانا من الذين يخافون الضرب والقتال , اي ان رشادهما كان فيه اعتبار ضعف بني اسرائيل وعدم قدرتهم على القتال , مما يفسر ان عطية الله كانت متاحة لبني اسرائيل وسهل الاخذ بها , ومع ذلك كان ردهم شنيعا لرسول رب العالمين اليهم يشير الى كفرهم والبواح به باستهتارهم بقدر الله مما يجعل التأكد قائم بردهم عطية الله بخروجهم على طاعة الله خروجا اكيدا وهو فسوقهم وهو عينه الذي ثبته بحكم من رسوله تعالى اليهم موسى -ص- عليهم انهم فاسقين , وبحكم منه تعالى عليهم انهم فاسقين وهو قوله تعالى- قال رب اني لا املك الا نفسي واخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين - الآية
اي تبرأ موسى منهم ومن الحين ذاك سأل الله ان يفرق بينه واخاه وبينهم ويحكم عليهم انهم فسقوا عن امره تعالى
ثم حكم الله بقوله تعالى - قال فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في الارض فلا تأس عن القوم الفاسقين- الآية
اي انه تعالى قدر عليهم التيه اربعين سنة وهو عمر الرجل ليكمل عقله على التعقل اشارة منه تعالى تأويلية ان ما من واحد من اليهود الا ويتيه لبه في حياته مقدار اربعين سنة وبعد ذلك يكون حكم الله في قضائه له من ايمان او كفر او نفاق وكان ذلك بدءا من تاريخ يومئذ ابتداءا من تبرئ موسى منهم , ثم حكم تعالى عليهم انهم فاسقين.
فاجتماع واتفاق حكم رسول من رب العالمين مع حكم رب العالمين على امة بعث فيها هذا الرسول وشهد عليهم في امرهم مع رسالة الله اليهم مع صبره عليهم كثيرا اذ عانى موسى - ص- منهم كثيرا الى حد اليأس منهم وهو عينه حكم موسى
عليهم, فاذا اجتمعا هاذان الحكمان كانا حكما مثبتا نهائي في ام الكتاب . ولذلك كان الحكم على بني اسرائيل بالاجماع من اساسيين في الحكم وهما الله ورسوله هو الفسوق عن امره تعالى وهو خطيرا جدا في الاحكام والمثل عنه قوله تعالى - ان ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه- الآية , اي ان الفسوق هو معصية الله المباشرة مما يجعل الكفر بواح لاضمحلال تقدير شأن الوهية الله في نفوسهم الى حد تقديرهم له تعالى انه كأحد الخلائق اي لايقدرون فيه صفة الالوهية الحقة التي لأجلها خلق الله السماوات والارض مما يؤكد عدم تقديرهم لعظمة الالوهية بعينها , ولذلك كان قولهم في كم موضع في قرآنه تعالى
- قالوا ان الله فقير ونحن اغنياء - الآية
- وقالوا يد الله مغلولة - الآية
- وقالوا نحن ابناء الله واحباؤه - الآية
- وقالوا لن تمسنا النار الا اياما معدودة-الآية
- وقالوا لن نؤمن لك حتى ترنا الله جهرة – الآية
- قالوا يا موسى اجعل لنا الها كما لهم آلهة- الآية
وتمردوا عن نبي الله ورسوله اليهم وعاثوا فسادا بكثرة طلباتهم واجترائهم عن خالقهم رغم كرمه تعالى اليهم كانه من غير حدود من عظيم رحمته تعالى الكريم سبحانه.
ويليه الجزء الثاني
بقلم - نور-
www.elnoor_to@yahoo.com
الجزء الثاني
ردحذففقول الرجلان في الآية السالفة هي شهادة من امة بني اسرائيل بعينها عليها على فسوقهم عن امر الله اليهم مما سبب الشهادة المؤكدة عليهم في ام الكتاب انهم امة فاسقة عن امر الله , وهو السبب عينه الذي جعل تقديره عليهم انهم لايصلحوا ليكونو ورثة ارضه وعلى دينه ويتحقق فيهم فضل الله لهم على كل امم العالمين لأن ذلك كان برفض عطية الله لهم وهي الارض التي تثبت خلافتهم في الارض وفسوقهم عن امر الله لهم الجامع بمعصيتهم له أي رفضهم الخلافة في الارض , وبرفضهم الخلافة يجعلهم رافضين لارادة الله باستخلاف بني آدم الارض وما يتبع ذلك من اقدار وما حكمه تعالى من قدر لكل الملك وما فيه في ام الكتاب , ولذلك يفهم لماذا تبرأ موسى –ص- منهم بقوله – فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين – وهو التفريق بين رسولين وهما صاحب وحي وهو موسى وناطقا به واضحا من فصاحته (لألا يلتبس على احد) وهو هارون وبين امتهما , ولم يشير موسى الى غيرهما من كل افراد الامة التي بعثا فيها , مما يفسر فساد عرقهم ونجاسة معدنهم بسبب ولعهم بالدنيا الى حد اتهامهم بالخبل او الجنون باتخاذهم الشياطين قرناء.
وعليه يكون بدءا من تاريخ رفضهم ومعصيتهم لعطية وامر الله عن دخولهم ارض فلسطين هو تبرئ موسى –ص- منهم وانتزاع فضل الله لهم على الاستخلاف في الارض رغم ما بعثه من انبياء بعد موسى بدليل ان كل الانبياء بعد موسى –ص- حكموا بالتوراة التي جاء لهم بها موسى من قبل الله تعالى من جبل الطور , مما يجعل عدم استحقاقهم استحقاق رضى رب العالمين لأرض فلسطين لأنهم برهنوا على عصيانهم لله وعدم رضاهم بالاستخلاف وكفى ان هارون وموسى توفيا وهم في التيه أي وهما في زمن معصية الله وسخطه عليهم , مما يجعل التأكيد انه رغم بعثه تعالى لأنبياء فيهم من بعد موسى فان ذلك هو من حجة الله على خلقه انه من لجأاليه فانه يتوب عليه ويكرمه ,فكان كرمه عيهم بعد ذلك على حسب عودتهم اليه سبحانه اذ آتاهم تعالى اسباب التوبة بانبيائه تعالى بعد موسى لأجل التحقق من توبة الله على من تاب منهم , والارض التي كتب الله لهم من قبل وعصوا فانها تكون على حسب تقواهم وببلاء مبين وهو عينه الذي حققه تعالى بحروب سجالا بينهم وبين الفلسطينين . أي ان كتابهم الاوحد من الله هو توراة موسى تجعل من شأنهم يمتد الى حكم موسى عليهم عند الله وهو انهم فاسقين , وعطية الله لما لم يستلموها في وقتها انتزعت بركتها فهي فتنة عليهم حتى وان دخلوها أي يتبعهم سخط الله اينما كانوا حتى وهم فيها , اما انبيائه تعالى فيهم بعد موسى هي وعد الله لكل بني آدم وللجن كذلك ان الله يتوب على من تاب في حياته الدنيا وانها دارا ينظر فيها عباده عساهم يتوبوا , أي انه تعالى لم يبعث بعد موسى واخاه انبياء الى بني اسرائيل لأنه يحبهم او راضي عنهم انما ليحقق تعالى عدله ووعده في الحياة الدنيا على انه فاتحا لباب توبته لكل خلقه حتى وان اصرفوا على انفسهم بالعصيان ويكون ذلك حجة على بني اسرائيل في الآخرة انه تعالى انظرهم في الحياة الدنيا بفتحه باب توبته اليهم على مدى حياتهم رغم فسوقهم البواح لأعظم رسول اليهم موسى –ص- .
ويليه الجزء الثالث
بقلم - نور-
www.elnoor_to@yahoo.com
الجزء الثالث
ردحذففبسبب حكمة الاستخلاف في الارض وعظيم اهميتها في قدره تعالى وهو قوله تعالى –اني جاعل في الارض خليفة –الآية , فان رفض بنوا اسرائيل الدخول الى الارض التي كتب يعد/
- فسوقا عن امره تعالى وهو عينه الكفر.
- عدم رضاهم بالخلافة في الارض.
- سعي ارادتهم في تخييب ارادة الله التي لأجلها خلق الكون وما فيه.
وهاته النتيجة كانت منهم بعدما صبر الله عليهم طويلا بشهادة رجلين منهم عدلين يقرون بسداد راييهما , وشهادة رسولين عظيمين موسى وهارون , مما يجعل الشهادة قائمة عليهم من وسطهم من الرجلين ومما يحاط بشأنهم علما من موسى وهارون فيكون مجموع الشهود اربعة وهو اكمل عدد شهود والمثل عن ذلك ان عدد الشهادة على الزنى والسرقة ونحو ذلك في عظائم الامور هو اربعة شهود. وهاته الشهادة لما كانت انهم ليسوا اهلا للاستخلاف الفاشل فان عطية الله لم ترد اليهم وهي ارض فلسطين لأن من احكام الله الثابتة من عنده قوله سبحانه -ان الارض يرثها عبادي الصالحون - أي لما كان بنوا اسرائيل طالحين بحكم اعظم رسلهم اليهم وهو موسى بدليل ان كتابهم من الله هو التوراة جاء لهم به موسى . اما ان كان بنوا اسرائيل قد حكموا الارض وهي ارض فلسطين فذلك ليس دليل ان الله اورثهم اياها بدليل قوله تعالى - ان الارض لله يورثها لمن يشاء من عباده والعاقبة للمتقين- الآية , أي اذا كان قد طال مكوث واستلاء بني اسرائيل لأرض فلسطين فان ذلك ليس معناه ان الله اورثهم اياها لأنهم فسقوا عن امره لما اعطاهم اياها فاسترد تعالى عطيته وتبرأ منهم اعظم انبيائهم وما دخل فلسطين بسبب عدم استحقاقهم الاستخلاف حتى توفي هو واخاه وهما بعيدين عنها مما يؤكد انهم سوف يخرجون منها ولو بقتلهم عن آخرهم ليحق تعالى وعده باستخلافه المتقين من عباده وهم الذين علامتهم ان يكونوا على دينه الحق أي المتبعين رسالته تعالى الخاتمة وهم المسلمون , أي لابد من ان يحق تعالى استخلاف المسلمين في فلسطين ولو بعد حين , ولو هو ظاهر غير ذلك باستطان اليهود ارض فلسطين واستعلائهم فيها , أي ان وجودهم فيها ليس استحقاقا من الله بل هو استعمار فاسد مفسد بشهادة تبرئ اعظم انبيائهم موسى –ص- منهم , وبشهادته تعالى ان الارض يورثها المتقين اياه ولو بعد حين لقوله سبحانه – والعاقبة للمتقين – أي حتى وان لم يظهر ذلك للعيان باستفحال الفاسقين وغلبهم في المعارك المستمر أي ان عاقبة الحرب تكون بنصره تعالى للمتقين بان يدمر المعمرين ويثبت عباده الصالحين في الارض سادة فيها وعليها والتي هي هاهنا فلسطين واهلها الذين هم على دينه تعالى الحق أي الفلسطينيون.
ويليه الجزء الرابع
بقلم - نور-
www.elnoor_to@yahoo.com
الجزء الرابع
ردحذفان قضية بني اسرائيل عند الله الخصها في امرين /
- تضييعهم لدينه تعالى مما جعلهم لا يستحقون الخلافة في الارض كعنصر بشري فاضل عند الله وذلك في قوله تعالى – فالقى الالواح – الآية, وذلك بسبب عبادتهم غير الله فلما القى موسى كتاب الله الى قومه على الارض ضاع شأن دينهم عند الله اشارة الى القائه تعالى لتقديره لهم من العلياء الى الادنى والذي علامته ركنهم الى الدنيا في كل حياتهم.
- رفضهم لأرضه تعالى مما جعلهم لايستحقون الخلافة في الارض بتعميرهم لها في ما يرضى الله بتحقيقهم الصلاح فيحققوا ارادة الله -انا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها- الآية , وما دام الفلسطينيون في فلسطين أي لم يبرحوها ابدا فان بنوا اسرائيل قد حكموا على انفسهم بالبقاءغرباء عن فلسطين حتى ولو دخلوها لأنهم سيخرجون منها ولو بقتلهم جميعا.
ومن هاذان الامران يكون الحكم على الدين والارض في شأن بني اسرائيل , وانهم دخلاء على فلسطين , وانهم لايصلحوا ان يكونوا خلفاء ارضه تعالى لأن استخلافه تعالى للمتقين.
ثم انه تعالى اشار في قرآنه على غيبه السابق من قدره في شأن بني اسرائيل ان فلسطين لم يكتبها لهم لتكون لهم من الله خالصة وهم احق بها , انما كتب تعالى انهم يدخلون فلسطين بعدما يثبت فسوقهم بحكم منه تعالى ومن رسوله اليهم موسى , وانهم يمكثون بها عمرا يكون مقداره بتأويل ما تبقى من عمر رجل الذي قضى اربعين سنة من عمره في التيه ولما كان عمر الانسان مقدر بما ذكرتعالى في امر القدر أي في سورة القدر ان ليلتها خير من الف شهر أي يشير ان عمر الانسان اطول بقليل من ثمانين سنة فان مكوث بني اسرائيل في فلسطين تنتهي مدته مع قروب الساعة ليخرجوا منها بالقتل تماما وهو عينه توريثه تعالى فلسطين لعباده المتقين والذين الاولى بها الفلسطينيين من اليهود وقروب الساعة ليس معناه فيام الساعة,أي ان الفلسطينين لما يمحوا اليهود من ارضهم تماما يمكثوا في الارض امدا طويلا وهو الذي منه يكون نزول عيسى ابن مريم وقتل المسيح الدجال وغير ذلك كثير أي يتميز ذلك بعصور من عزة المسلمين في كل الارض على سنة خاتم المرسلين محمد - ص- . وهاته الاشارة هي في قوله تعالى - ادخلوا الارض التي كتب الله لكم - الآية, أي لم يقل سبحانه - كتبها لكم - انماقال - كتب لكم - أي انه تعالى من جملة ما قدره لكم من ارض تعيشون فيها من حياتكم الدنيا هي فلسطين أي انكم تعيشون فيها وهي ليست لكم والدليل على ذلك ان اليهود فعلا يعيشون فيها ولا يهنؤون ابدا في معاشهم أي انه تعالى في الآية بين لهم اين سيعيشون وليس انه كتب لهم الارض خالصة لهم حيث سيعيشون . فلو اطاعوا الله واستجابوا لرسولهم موسى لجعل لهم تعالى تمكينا في فلسطين خالصا لهم من غير فتن الى يوم القيامة بحيث يمكنهم من الفلسطينيين ويخرجوهم منها ابدا ولو بتقتيلهم جميعا , كما فعل الاربيون بالهنود الحمر مثلا.
فلكل مسلم الحق وبالحق ان ذكر تبرئ موسى - ص- من بني اسرائيل لما لم يأخذوا فلسطين كارض لهم وكفى انه توفي بعيدا عنها , وما بعد ذلك بنوا اسرائيل الا حثالة بين الامم عمروا فلسطين ولن يهنؤوا فيها وستطهر منهم في آخر الزمان وعدا من الله لأنه وعد بذلك وهم عباده الصالحين وهم اتباع رسوله الخاتم محمد - ص-
ولذلك اذا ذكرت الآية ان الله كتب فلسطين لبني اسرائيل فليكن في الحسبان انه تعالى ذكر ان اليهود سخط عليهم بتبرئ اعظم انبيائهم موسى –ص- منهم وان تواجدهم في فلسطين هو استعمارهم لأرض ليست لهم والدليل على ذلك انهم لايهنؤون ابدا وهم فيها , وان لهم اجل ليمحوا منها تماما وجب ان يصدقه المسلمون اتباع الرسول الخاتم محمد- ص- والا فهم ليسوا بمسلمين.
بقلم - نور-
www.elnoor_to@yahoo.com
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفياغبي كان هذا كله قبل غضب الله على اليهود وقد تعمدت بغباءك اخفاء نصوص قرانية تدحض كل هبلك منها:
ردحذف".... وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً [الإسراء : 7]
لااجد المزيد من اعطاءك وقت اخر لانك سفيه لاتستحق اكثر من ذلك
واستمع معي أخي القارئ إلى هذا النبأ الإلهي أخبرنا بما سيقوله هؤلاء وبالرد عليهم، يقول تعالى مخاطباً حبيبه محمداً عليه صلوات الله وسلامه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) هذا قولهم، ولكن كيف ردّ علهم سبحانه وتعالى؟ تأمل بقية الآية: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النحل: 103]. وسؤالنا: هل هذه الآية العظيمة التي تنفي تعليم البشر للنبي الكريم، هل هذه الآية وضعها الراهب بحيرة أيضاً؟
ردحذفوالله لو عرضنا هذا القرآن على علم النفس الحديث وعلم البرمجة اللغوية العصبية وطلبنا من علماء النفس أن يحللوا لنا شخصية كاتب هذا القرآن، ولو أن هؤلاء درسوا القرآن بأسلوب البحث العلمي الحديث، لخرجوا على الفور بنتيجة ألا وهي أن هذا القرآن لا يمكن ولا ينبغي أن يكون من تأليف بشر، ويكفي أن القرآن يعرض أقوال المعارضين له ويرد عليها، كيف يمكن لبشر أن يفعل هذا. وقد كانت هذه الظاهرة سبباً في إسلام بعض علماء الغرب.
وأوجه أسئلة لأولئك الذين يدعون أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم:
1- كيف يمكن لبشر أن يؤلف كتاباً وينسبه لغيره ولا يتباهى به أمام قومه وهو أمي لا يعرف القراءة والكتابة؟
2- كيف يمكن لبشر أن يتحدى الناس جميعاً أن يأتوا بمثل نص أو سورة من كتابه، وكيف يضمن بقاء هذا التحدي أربعة عشر قرناً؟
3- لماذا أقحم هذا المؤلف (وهو سيدنا محمد حسب زعمهم) الكثير من الحقائق العلمية؟ وما الذي يدعوه للخوض في مثل هذه المسائل الدقيقة؟ أليس الأجدر به أن يبتعد عنها وبخاصة أنه يخاطب أناساً يعبدون الأصنام؟
4- مثلاً لماذا حدثنا عن البنية النسيجية للكون فقال: (والسماء ذات الحُبُك) [الذاريات: 7]؟ كيف علم بذلك؟ ألا يخشى أن يكون على خطأ فيأتي من يثبت خطأه من بعده؟
5- لماذا تحدث هذا المؤلف (أي مؤلف القرآن حسب عقيدتهم) عن حقائق كثيرة تشمل يوم القيامة وأنباء الغيب وقصص الأنبياء وتحدث عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأمر بالصدق وكرَّم جميع الأنبياء في حين أن الكتب المقدسة المحرفة لم تكرِّم نبياً واحداً؟
6- لو كان النبي الأعظم هو مؤلف القرآن فلماذا ذكر اسم (الله) 2699 مرة وهو أكثر اسم تكرر في القرآن؟ بينما ذُكر اسم (محمد) أربع مرات فقط؟ لماذا لم يذكر قصته قبل البعثة الشريفة، لماذا لم يتحدث عن أصدقائه وزوجاته وبناته وقصص زواجه ولماذا لم يضمن القرآن شيئاً من الشعر مادام لديه كل هذه القدرة البلاغية ونحن نعلم أهمية الشعر في ذلك الزمن؟
7- وكيف ضمن أن الإسلام سيكون الدين الأكثر انتشاراً في العالم فقال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وهذا ما تقوله الإحصائيات اليوم أن الإسلام خلال سنوات سيكون الديانة الأولى في العالم من حيث عدد أتباعه ومن حيث عدد الدول التي ينتشر فيها، كيف علم رجل أمي يعيش قبل 14 قرناً بهذه الحقيقة؟
أسئلة كثيرة تنتظر من يجيب عنها قبل أن يوجه انتقاده للإسلام، وقبل أن يرسم صورة لنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، ونقول نرجو أن تقرأوا معجزات هذا القرآن وتجيبوا عن هذه الأسئلة قبل أن تتصوروا نبينا بالصورة التي قدمتموها له.
عجبا لاناس يزعمون انهم لادينيون و ملحدون و يزعمون ان الديانات من صنع الانسان و لكنهم يستعينون بكتاب سموي لتاكيد شيئ ما .... ما اجهلكم.
ردحذفقبل ذلك لنعلم ان التحريف قد طال الكثير من التاريخ الاسلامي حقدا وغيظا للدين الحق وان الله يعلم بعلمه الازلي ما سوف يحدث فتكفل بالقران من عبث العابثين حتى يبقى الاعجاز من جميع جوانبه سواء اللغوي او العلمي او التحريف...المهم بما انكم اتيتم بايات القران علينا حجه عليكم بقبولها عليكم حجه...ومنها ننطلق واختصار شديد ليس كل بني اسرائيل هم يهود وليس اليهود كلهم من بني اسرائيل لان بني اسرائيل قوميه وسلاله بشر فمنهم صار بعد الاسلام يهود ومسلمين ومسيحيين وملحدين...الخ وان اليهوديه مذهب ديني قد يدخله العربي والاوروبي...نعم لقد جاء الوعد الالهي لبني اسرائيل في ذلك الوقت لمن يقيم دين الله ومن ينقلب على الله فله العذاب والتشريد وورد بالقران الكثير من الايات التي تقول ذلك "وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا. وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" . وكذلك قوله تعالى: عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا . لان الوعد مشروط بتطبيق شريعه الله فأن عادو الى الكفر سوف يعود عليهم بالتشريد والعذاب ومن يشكر الله ويقيم حدوده يورثه الارض فلذلك ليس لهم الحق في الارض المقدسه فحتى المسلمين واقعين تحت هذا الشرط فان جاء التتار وكانوا يقيمون حدود الله في الارض المقدسه فسوف تكون حق لهم من الله لقوله تعالى :وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ,وهذه هي القاعده الالهيه لميراث الارض المقدسه
ردحذف