The Out Campaign


محرك البحث اللاديني المواقع و المدونات
تصنيفات مواضيع "مع اللادينيين و الملحدين العرب"    (تحديث: تحميل كافة المقالات PDF جزء1  جزء2)
الإسلام   المسيحية   اليهودية   لادينية عامة   علمية   الإلحاد   فيديوات   استفتاءات   المزيد..
اصول الاسلام  تأريخ القرآن ولغته  (أخطاء علمية / ردود على مزاعم الإعجاز في القرآن والسنة)  لاعقلانية الإسلام  العدالة والأخلاق  المزيد..
عرض مدونات الأديان من صنع الإنسان

14‏/05‏/2007

هل القرآن معجز بلاغيا؟

هل القرآن معجز بلاغيًا ؟
إسلاميًا نجد رأيين في هذا الأمر ، الرأي الأول أنه ليس بمعجز و أن العرب أتوا بما هو أبلغ و أكثر تعقيدًا من القرآن ، و يفسرون التحدي الوارد في سورة الإسراء آية 88 بأن المعجز فيه هو صرفهم عن تأليف مثله برغم سهولته ، و سمي هذا (الصرفة) ، و قد تبنى هذا الرأي المعتزلة و على رأسهم النظام و تلميذه النجيب الجاحظ ، و قد كان الجاحظ لسان حال المعتزلة لفترة طويلة ، و يقال أن له من الكتب 360 كتاب لم يصلنا منها غير القليل ، الرأي الثاني و هو أن القرآن معجز بلاغيًا و أنه سقف البلاغة العربية و لم و لن يصل إليه شاعرٌ أو ناثر ، و تبنى هذا الرأي أهل السنة و الجماعة و هم يقدمون النقل على العقل عمومًا بخلاف المعتزلة ، و لم يكن تبنيهم لهذا الرأي قائم على حجج علمية حتى ظهر عبد القاهر الجرجاني أحد أعظم و أهم علماء اللغة في التاريخ العربي بأسره ، و صاحب نظرية النظم الوحيدة في اللغة العربية ، و صاحب العبارة المحورية القائلة (اللفظ خدم المعاني) ، و برغم رأينا الشخصي في أنه فصّل كتابه العظيم (دلائل الإعجاز) تفصيلاً ليلائم رأيه في إعجاز القرآن إلا أن هذا لا ينتقص من قدر نظريته و أهميتها في تحليل النصوص العربية ، و ما أرمي إليه هنا هو تحليل الرأيين و الوقوف على إجابة السؤال الرئيسي ، هل القرآن معجز بلاغيًا ؟ و لابد قبلها أن نفهم ما هي البلاغة



البلاغة مشتقة من كلمة بلغ ، أي وصل ، و هي تعني إيصال المعنى كاملاً ، و تنقسم إلى ثلاثة علوم هي : أولاً علم البيان ، و هو يهتم بالصور الخيالية و العاطفة ، و سمي بعلم البيان لأنه يساعد على تبيين المعنى المراد باستخدام التشبيه و المجاز و الاستعارة ، ثانيًا علم المعاني ، و هو يهتم بالمعاني و الأفكار ، و يوفق ما بين التركيب اللغوي المختار و المعنى المراد إيصاله للقارئ أو المستمع ، و هو الذي يدرس الإيجاز و الإطناب و الوصل و الفصل ، ثالثًا علم البديع ، و يختص بالصياغة ، و حسن التنسيق و اختيار اللفظ

و قبل الجرجاني كان المشتغلون بالأدب كابن قتيبة يقولون في ثنائية اللفظ \ المعنى ، بل كانوا يقدمون اللفظ و حسن الصياغة على المعنى ، و رأى الجرجاني أن في هذا قتل للفكر ، و انحاز لمن يقدمون المعنى على اللفظ ، و رأى أن البلاغة ليست في تخير الألفاظ و الموسيقى و المجاز ، و إنما هي حسن النظم و التأليف ، و ما قصده بالنظم هو ربط الألفاظ في سياق يكون وليد الفكر بحيث ينشأ عن ذلك معنى مقصود بذاته دون سواه ، ولهذا كانت المعاني لا الألفاظ هي المقصودة في إحداث النظم والتأليف ، فلا نظم في الكلم ولا تأليف حتى يعلق بعضها ببعض، ويبنى بعضها على بعض، وبهذا يكون اللفظ تابعاً للمعنى، بحسب ما يقصد فيه ويراد له ، أي أن رأي الجرجاني أن بلاغتك في اتفاق القول مع ما ترمي إليه بالضبط ، و أن استبدال أي كلمة في هذه الحالة يخل بالنظم أي يخل بالبلاغة

و مشكلة الجرجاني أنه أهمل تغير دلالات الألفاظ و تولد معاني جديدة ، مما يسقط رأيه في الإعجاز ، فلو كانت البلاغة هي توافق اللفظ مع المعنى ، و كانت الألفاظ تتطور و المعاني و الصور و التشبيهات تولد و تموت ، فكيف نحكم على نص بأنه بليغ بشكل مطلق ؟ فما بالك بأن نحكم عليه بأنه معجز في بلاغته ! كما يعاب على أصحاب الإعجاز البلاغي حسب مفهوم الجرجاني إهمالهم لمبهم النص القرآني ، فبعض معاني القرآن مبهمة و غير مفهومة و حولها خلاف ، كالحروف المقطعة في فواتح السور ، و بعض الغامض من الألفاظ كلفظة (أبا) التي أحجم عمر بن الخطاب عن تفسيرها لأنه لا يعلم معناها ، أو (العاديات ضبحا) التي اختلف في المقصود بها ، فكيف نحكم بحسب نظرية النظم على بلاغة نصوص لا نعرف معناها بشكل مؤكد ؟ و بالنسبة لي أرى أن رأي المعتزلة أكثر منطقية ، فعندما خبروا حكمة الفرس و علوم اليونان ، و درسوا الشعر و النثر في ضوء المستجدات المعرفية ، أعلنوا بكل أمانة و شجاعة أنهم يجدون ما هو أبلغ من القرآن ، لذا لجأوا لفكرة الصرفة ، و لكن و بسبب عادة أهل السنة في محاربة ما يخالفهم من الأفكار لم تصلنا معظم كتب المعتزلة ، فلم نقرأ عن فكرتهم إلا من أعدائهم .

هناك نقطة أخرى هامة ، و هي أن البلاغة تحمل في طياتها وجدان الشعب الذي تتحدث بلغته ، فكثير من النصوص تفقد بلاغتها حالما تترجم ، و منها القرآن نفسه ، فلا يبقى أثر للبلاغة ، و للتأكد من هذا جرب أن تحول سورة من القرآن للهجتك العامية ، ستجد أمامك نصًا متهافتًا لا يحمل أدبًا و لا علمًا قياسًا ببلاغة أهل لهجتك و المعاني التي أتى بها الفلاسفة و الحكماء على مر العصور .

و من رأيي أن التحدي الوارد في القرآن لا معنى له ، فمن أتى بمثل ما أتى به امرؤ القيس ؟ لا أحد ، فالحالة الإبداعية حالة متفردة تمامًا ، و مثله هذه مقولة مبهمة تمامًا ، و نحن هنا نقيم تحدي جديد بأن يأتي أحد بقصيدة مثل الحمى للمتنبي ، أو اليتيمة لدوقلة ، أو الطلاسم لجبران ، مستحيل ، إن الإتيان بمثل عمل إبداعي يعني تكرار الشفرة الوراثية و الظروف المحيطة بالمبدع و هو المستحيل بعينه .

أما مقولة الوليد بن المغيرة و التي لا يمل الإسلاميون من تكرارها فدليل على الإفلاس ، فعندما لا يجدون ما يقولونه يسألونك باستنكار (أأنت أعلم بالبلاغة من أهلها الذين قالوا ... ) و يردد على مسامعك مقولة الوليد و التي لا يدخل عقل وليد أنه قالها ، فلو كان الوليد قال هذا فلم لم يسلم ؟ و هل هناك استكبار في مسألة مصيرية مثل الدين ؟ و من الذي نقل لنا هذه المقولة ؟ أليس علماء المسلمين الذين ذكروها ؟ و هل كل من استمع لهذه المقولة مكابر معاند متآمر على الحق ؟ لم لم يسلم أحدهم نتيجة مقولته ؟ إنكم تشهدون على أعداءكم و تسخرون من شهادة أعداءكم عليكم يا سادة

و نأتي لبعض الأمثلة على ركاكة القرآن حسب عدة مقاييس :
1 .
أول ما جاء من القرآن الخمس آيات الأولى من سورة العلق ، و نلاحظ أنها بدأت بداية جميلة (إقرأ باسم ربك الذي خلق) ، فيها رحابة و رشاقة ، ثم اتجه لتحديدٍ لا أعرف له مبررًا سوى اللهاث وراء الموسيقى الخارجية حين قال (خلق الإنسان . من علق) فنجده يضحي بالرحابة التي قدمتها كلمة خلق الغير معرفة ، بعد ذلك يكرر نفس السيناريو مع علم الإنسان ما لم يعلم ، و من يعلمنا ما نعلم ؟ لا أعلم ؟
2 .
معظم السور التي تسمى بالمفصل تشبه سجع الكهان ، و لو أتى بمثلها الآن شاعر مبتدئ لعوقب بالحبس ، مثل الناس و الفلق و لا أدري أي بلاغة في المعوذتين ؟ فهل يدري أحدكم فيخبرني ؟ كذلك الهمزة و الفيل و قريش و ...... إلخ
3 .
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) أي بلاغة تظنونها هنا ؟ و معظم الأحكام جاءت بدون اهتمام أو تركيز على الصياغة الجيدة.

ثم أنه هناك عدة شروط لابد أن تتوفر في النص القرآني ليكون معجز ألخصها بما يلي :
1 .
أن يعجز البشر جميعًا عن الإتيان بمثله ، و لكن كيف نحدد مثله هذه ، المؤمنون بإعجازه لا يرضيهم أي نوع من المقارنة ، فهم يصادرون على الإمكانية مسبقًا قبل حتى قراءتها ، و لأن البلاغة تخضع في كثير من الأحيان للذوق الشخصي فالأمر يصبح شبه مستحيل ، و هم يحجمون عن تعريف مثله هذه بوضوح و معايير مفهومة ، و لكنني سأضع بين يديكم نص لقس بن ساعدة الإيادي ، أي أنه سابق على القرآن ، و لكم أن تحاكموه كما أردتم ، فأنا أراه ينطبق عليه وصف مثله فيقول :

اسمعوا وعوا**إن من عاش مات** ومن مات فات** وكل ما هو آت آت** ليل داج** ونهار ساج** وسماء ذات أبراج** إن في الأرض لعبرا** وإن في السماء لخبرا** أقسم قس قسما حتما** لئن كان في الأرض رضا ليكونن بعد سخطا** بل إن لله دينا هو أحب إليه من دينكم** بل هو المعبود الواحد** ليس بمولود ولا والد** أعاد وأبدى** وإليه المآب غدا

طبعًا يمكننا الحديث لساعات عن تكرار كلمة آت و بلاغته و عن دقة اختيار الألفاظ و إعجازها ، فما بالك بالذين يحدثوننا عن هذا منذ ألف سنة !!

2 .
النص المعجز الذي لا يمكن أن يحدث لبس و يختلط بكلام غيره ، فهو لا يشبه غيره لا من قريب و لا من بعيد ، و كيف هذا وهو معجز ، فلو اختلط بغيره لكان غيره معجز أيضًا ، فالمتلقي البليغ الذي لا يميز بينه و بين غيره هو دليل على عدم إعجازه ، و لكن ما رأيكم بهذين الحديثين

لا تكتبوا عني غير القرآن فمن كتب عني غير القرآن فليمحه
و دخل زيد بن ثابت على الخليفة معاوية، فسأله عن حديث فأمر إنساناً يكتبه، فقال له زيد: إنّ رسول اللّه أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه فمحاه
الأول في مسند أحمد و صححه مسلم ، و الثاني في سنن أبي داوود و ذكره أحمد في مسنده أيضًا
هذان الحديثان لا ينكرهما أهل السنة و لكنهما يبررون المنع بحجة عدم اختلاط القرآن بالحديث ، أما الآن و قد استقر القرآن في القلوب فلا حاجة للمنع ، كيف يختلط الحديث بالقرآن إذا كان القرآن معجز و الحديث غير معجز ؟ كيف يحدث لبس إلا إذا توافر شرط مثله المزعوم؟

3 .
النص المعجز يجب أن يكون معجز دائمًا ، أي أن يعبر عن الجمل بذات البلاغة ، فليخبرني الزملاء المسلمون بأمانة هل يجدون يوسف مثل النساء في الجمال و البلاغة و الجزالة ؟

4 .
النص المعجز لا يخضع للتطور الذي يحدث لأي مبدع موهوب من ضعف و اهتمام باستعراض الصنعة على حساب المعنى مرورًا بالنضج الفني و انتهاءً بضعف يميزه عن الأول خبرة كبيرة ، و لو رتبنا القرآن كيفما نزل سنلاحظ التطور في طول الجملة و استعمال الموسيقى الداخلية و الخارجية و وحدة النص ... إلخ

5 .
النص المعجز لا تضطره القافية للفظ لا يفيد المعنى كما بينا في حالة سورة العلق ، و هناك مثال آخر و هو مثلاً قوله سيصلى نارًا ذات لهب ما فائدة كلمة لهب هنا ، و هل هناك نار ليست ذات لهب ؟ ثم لماذا حافظ في السورة على الباء أربع مرات و كسرها في الخامسة بكلمة مسد ؟
هل هناك من سبب بلاغي أم أنه خلل ؟
هل القرآن معجز بلاغيًا ؟؟


الكاتب: شيزوفرانيا

24 تعليق(ات):

إظهار/إخفاء التعليق(ات)

إرسال تعليق

ملاحظة: المواضيع المنشورة لا تمثل بالضرورة رأي ناشرها